لبنان

بعد عقدين من النفوذ: عقد إيران في المنطقة يسقط رسميًا

بقلم تادي عواد

في يومين فقط، تلقّت «بيئة المقاومة» صفعتين مدوّيتين لم تستفق منهما بعد: الأولى أنّ لبنان، رغمًا عن أنف المحور وملحقاته، جلس إلى طاولة الحوار مع إسرائيل… والثانية أنّ العراق نفسه، ابن المدرسة الإيرانية، قرّر تصنيف حزب الله والحوثيين منظماتٍ إرهابية.

حاولت بيئة الممانعة فهم ما يحدث؛ انتظرت تفسيراتٍ من «الولي الفقيه»، من «الإعلام المقاوم»، من «مجاهدي التحليل الاستراتيجي»… لكن ما وصلها هو الصمت، الصمت العالي، المدوّي، المُذلّ.

ولأنّ الصدمة أكبر من قدرة الهضم العقائدي، لنُعد ترتيب الفيلم زمنيًا؛ لعلّهم يفهمون، أو على الأقل لا يُغمى عليهم مرّة ثانية.

أمريكا… شركة عالمية والمتعهد الإيراني موظّفٌ مؤقّت

الولايات المتحدة ليست دولةً فحسب، بل أكبر شركة استثمار في العالم. هذه الشركة توزّع تلزيماتٍ على متعهّدين ثانويين لتنفيذ خدماتها عند اللزوم.

بعد 11 أيلول، احتاجت الشركة إلى من ينجز لها مهمّة تفتيت الدول السنية وإشعال المنطقة. فتقدّم المقاول الإيراني بعرضه: الطائفية جاهزة، الميليشيات جاهزة، الحقد التاريخي جاهز… والدم رخيص.

واشنطن وافقت، دفعت له المعدات، وفتحت له الأجواء، وأمّنت طائراتُها تغطيةً جوية للحشد الشعبي وهو يجتاح المحافظات السنية، ثم أمّنت له بقاء بشار الأسد. وحين بدأ يتساقط، استُدعي بوتين لإنقاذه مقابل صفقة إعادة إعمار بمليارات الدولارات.

باختصار: كانت إيران متعهّدَ أشغالٍ قذرة بعقدٍ محدّد، لا أكثر.

الصحوة العربية… وانتهاء صلاحية المقاول

حين استفاقت السعودية والخليج من وهم «الجهاد»، اكتشفوا أنّ الإرهاب ليس بطاقة تحرير، بل مشروع دمار شامل. تغيّرت المعادلة، وباتت مصلحة أميركا مع الدول التي تحارب الإرهاب لا تلك التي تصنعه. وهنا بدأت الشركة الأميركية بصياغة تحالفات استراتيجية مع الدول السنية تضمن بها مصالحها، وبدأت تحضّر لإنهاء اتفاقها مع المتعهّد الإيراني السيّئ السمعة.

الإيراني فهم الرسالة، لكنه ـ كالعادة ـ أراد فرضَ الأمر الواقع على حساب شعوب المنطقة. فقرّر «طوفان الأقصى»، وطلب من حماس لعب بطولته في مسرحيةٍ دموية لم تنتهِ فصولها بعد.

النتيجة؟ انهيار منظومة الأسد، ضربات عسكرية لكل أذرع المحور، وصولًا إلى استهداف المشروع النووي داخل إيران. نكسات، عزلة، حصار، تصنيفات إرهابية… وأخيرًا طاولة تفاوض لبنانية – إسرائيلية دون إذن، دون سؤال، دون «يا سيّد هل تسمح؟».

الصفعة العراقية… الخاتمة المُذلّة

حين يُصنّف العراق ـــ بؤرة النفوذ الإيراني ـــ حزب الله والحوثيين إرهابًا، فهذا يعني أنّ «العائلة» طردت أحد أولادها من شجرة النسب المقاوم.

يعني أنّ المحور خسر بغداد، بعد خسارة دمشق، صنعاء على أعتاب الخروج من العباءة، ولبنان بدأ يتكلّم سياسة بدل «التكليف الشرعي».

باختصار، من ظنّ نفسه «محور الأمة» اكتشف أنه مجرد مندوبِ مبيعاتٍ عقائدي بعقدٍ مؤقّت في شركةٍ لا ترحم.

خلاصةٌ مهذّبة لمن لم يفهم بعد

الحوار مع إسرائيل بدأ من دون إذن الولي الفقيه.

العراق رمى آخر خرزةٍ من مسبحة الممانعة في القمامة.

المتعهد الإيراني خسر الامتياز… وتغيّرت خرائط المشروع.

أسطورة «قوة المحور التي لا تُهزم» تبخّرت عند أول مراجعة حسابات.

تمامًا كما يحدث في عالم الشركات:
من لا يعرف حجمه… يُستبدل.
ومن يتوهّم أنه صاحب القرار… يُرمى خارج الشركة ليتسوّل على قارعة الطريق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى