وقاحة بلا حدود: حين تتمادى طهران… ويصمت لبنان

بقلم تادي عواد
مرّة جديدة، تكشف طهران عن وجهها الحقيقي. فبدل أن تنصرف إلى كارثة الانهيار الاقتصادي الذي ينهش الإيرانيين، وإلى التظاهرات الغاضبة في شوارعها، وإلى هدر ثروات شعبها في مغامرات عابرة للحدود… تفضّل أن تمدّ يدها إلى لبنان، وأن تُصدر التعليمات والنصائح، وكأن هذا البلد محافظة إيرانية تحتاج إلى وصاية خارجية.
إنّ الوقاحة الإيرانية بلا حدود. وكان الأولى بطهران، قبل إطلاق تصريحاتها المتعجرفة، أن تطعم شعبها وأن تدير أزماتها الداخلية المتفاقمة يومًا بعد يوم، بدل أن تواصل تدخلها الفجّ في شؤون لبنان ومحاولتها رسم مستقبل بلدٍ أنهكته حروبها وميليشياتها المموّلة من حرسها الثوري.
والمؤسف أن يجرؤ مستشار الخامنئي علي أكبر ولايتي على إهانة الشعب اللبناني، وأن يتعامل مع أرضنا ومؤسساتنا وكأنها امتداد طبيعي لمشروع الحرس الثوري. لكن الأخطر من الوقاحة هو الاعتياد عليها، والسكوت عنها، والتصرف وكأنها أمر طبيعي في بلدٍ استنزفته التدخلات والصراعات المفروضة عليه.
لقد آن الأوان لردّ سياسي يوازي حجم الإهانة. آن الأوان لقرار يستعيد التوازن ويحمي السيادة اللبنانية. آن الأوان ليَعي العالم أن لبنان ليس ساحة مفتوحة لأي جهاز استخباري، أو ذراع عسكرية، أو خطاب استعلائي.
إنّ طرد السفير الإيراني من لبنان وإغلاق السفارة لم يعدا ترفًا سياسيًا، بل باتا خطوة ضرورية لوقف هذا التغوّل غير المسبوق من السلطات الإيرانية. خطوة تعيد التأكيد أنّ لبنان دولة، لا منصة ولا ورقة تفاوض تُستعمل وفق أهواء طهران.
إنّ احترام لبنان يبدأ باحترام حدوده ومؤسساته وقراره الوطني وشعبه الذي يدفع ثمن الحروب والاستعراضات الإقليمية. وهذا الاحترام، وبكل وضوح، لن يتحقق قبل أن تُدرك طهران أن زمن الصمت انتهى.




