كريم سعيد في مواجهة حزب الله وحيدًا… والسياسيون يلتزمون الصمت

بقلم تادي عواد
في بلدٍ تحكمه الخيبة، يقف كريم سعيد، حاكم مصرف لبنان، رجلًا وحيدًا في معركة تتخاذل عنها الدولة برمّتها. كل ذنبه أنه قرّر أخيرًا تجفيف اقتصاد الكاش الذي يموّل “حزب الله” ويغذّي شرايين نفوذه. فاشتعلت الحملة الإيرانية، والتحقت بها أبواق الداخل، وبدأت ماكينة التخوين والترهيب في أعلى مستوياتها.
ولم يكتفِ الإعلام الإيراني ولا أدواته.
بل خرج نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله، بخطاب تهديدي مباشر، مُحمِّلًا كريم سعيد مسؤولية “العبث بالاستقرار”، في أسلوب يعرفه اللبنانيون جيدًا: تهديدٌ مغلف بوعيد أمني، ورسالة واضحة: إمّا أن تنصاع… أو تُستهدف.
هو تهديد لرجلٍ يحاول فقط حماية ما تبقّى من النظام المالي… بينما من يهددونه هم من دمّروا الاقتصاد وحوّلوا البلد إلى اقتصاد ميليشيوي مُعتم.
لكن الفضيحة الكبرى ليست في تهديد نعيم قاسم، ولا في هجوم “طهران تايمز”.
الفضيحة في مكان آخر: رئاسة الجمهورية والحكومة ورئيسها.
رئيس الجمهورية، الذي يفترض أن يكون الحامي الأول لمؤسسات الدولة، التزم صمتًا مطبقًا.
لا بيان، لا موقف، لا دعم.
وكأن حاكم مصرف لبنان ليس موظفًا في دولة بل خصمًا يجب تركه يُنهش إعلاميًا وسياسيًا وأمنيًا.
هل يخشى الرئيس ردّ الحزب؟
هل ينتظر إشارة من مرجعية ما؟
أم أنه قرر ببساطة ترك الرجال الشجعان وحدهم كي لا يغضب “الحاكم الفعلي” للبلد؟
إن ما يواجهه كريم سعيد ليس حملة نقد، بل عملية ترهيب منهجية هدفها كسر إرادته ومنعه من وقف السيل المالي غير الشرعي.
ومع ذلك، يقف الرجل ثابتًا، فيما المسؤولون الشرعيون مختبئون خوفًا أو تواطؤًا.
لبنان لا ينهار فقط بسبب السلاح، بل بسبب الصمت.
الصمت الرئاسي. الصمت الحكومي. الصمت الرسمي الذي يساوي الخيانة.
وحده كريم سعيد قال “لا”، ولذلك يتعرض لكل هذا الهجوم.
التاريخ لن يرحم من صمت…
وسيكتب أن رجلاً واحدًا وقف، بينما دولة كاملة ارتجفت.




