الجيل Z: محرّك الثورة الديمقراطية في إيران ووريث مبدأ الشجاعة


نظام مير محمدي
كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني
سلّطت الحلقة النقاشية الرابعة من مؤتمر «إيران الحرة 2025»، التي عُقدت في واشنطن في 15 نوفمبر الجاري تحت عنوان «قوة الشباب في دفع عجلة التغيير في إيران»، الضوء على الجيل الجديد في إيران (الجيل Z) بوصفه «المحرك المركزي» للحركة الديمقراطية. وقد أجمع المشاركون على أن شباب إيران، بفضل شجاعتهم وتنظيمهم الرقمي ومناصرتهم العالمية، يعيدون تعريف المشهد السياسي؛ فهم لا يقتصرون على مقاومة القمع، بل يبنون بنشاط أسس الانتقال الديمقراطي المنشود.
استراتيجية الخوف الفاشلة وبسالة الجيل الجديد
افتتحت مديرة الحلقة، نيكول شريعتي (Nicole Shariati)، مستشارة الأمن السيبراني، النقاش بالتأكيد على أن النظام اعتمد على «الخوف والإذلال وإراقة الدماء» لمحاولة كسر إرادة شباب إيران، لكن هذه الاستراتيجية فشلت فشلًا ذريعًا. وقالت: «هذا الجيل الشجاع والعنيد يرفض الاستسلام لمستقبله». وأشادت بوحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق بوصفها «القلب النابض لهذه الحركة»، وهي شبكات مرنة داخل إيران تتحدى الاستبداد بالإبداع. وخلصت إلى أن شباب إيران حوّلوا «الألم إلى قوة، والقمع إلى تنظيم، والخوف إلى نار»، ليشكّلوا العمود الفقري لمستقبل ديمقراطي.
من جانبه، قدّم محمد رضا حسامي (Mohammadreza Hesami)، أخصائي الجرعات الطبية، رواية شخصية عن العيش تحت نظام مصمَّم لخنق الطموح. وشدّد على أن النظام يخشى الشباب لأن «اللحظة التي لم يعد الناس يشعرون فيها بالخوف هي اللحظة التي يجب على النظام فيها الإجابة عن أسئلة جدية». وأشار إلى أمثلة ملموسة على هذا الخوف، كقمع الطلاب المسجونين علي يونسي وأمير حسين مرادي، والشاب إحسان فريدي المحكوم عليه بالإعدام لدعمه منظمة مجاهدي خلق، محذّرًا: «النظام لا يخاف من الفشل في القمع؛ بل يخاف من جيل لم يعد يؤمن به».
وحدات المقاومة: رأس الحربة والبديل المنظَّم
حلّل ريان ناصر (Ryan Nasir)، طالب علوم الحاسوب، سبب تحوّل وحدات المقاومة إلى القوة الأساسية للنشاط الشبابي. ووصف هذه الوحدات بأنها «طليعة الرمح للمجتمع»، وهي متأصّلة بعمق في الحياة اليومية في جميع المحافظات الإحدى والثلاثين. وأشار إلى اعتقال أكثر من 3600 شخص خلال انتفاضة 2022 وحدها، مؤكّدًا أن أفعال الوحدات، مثل كتابة الشعارات في وضح النهار، تثبت أن الديكتاتورية «تخسر قبضتها». وأوضح أن هذه الوحدات تتمتّع بـ«تآزر مبني على عقود» من التضحية مع المجلس الوطني للمقاومة.
وعزّز سينا سعيديان (Seena Saiedian)، مرشّح دكتوراه في القانون، هذا التحليل، مقدِّمًا شرحًا شاملًا لسبب دعم الشباب الإيراني بأغلبية ساحقة لتغيير النظام بدلًا من الإصلاح التدريجي. وجادل بأن الشباب أدركوا أن كل وعود «الإصلاحيين» لم تقدّم سوى «مزيد من الإعدامات، ومزيد من الرقابة، ومزيد من الوحشية». وشدّد على أن ما يدعم شجاعة الشباب هو وجود بديل قابل للتطبيق، مؤكّدًا أن المجلس الوطني للمقاومة ومنظمة مجاهدي خلق يتردّد صداهما بقوة لأنهما «الحركة الوحيدة التي تلبّي المعايير» لبديل حيوي، وهي: الالتزام بالمبادئ الديمقراطية، والقدرة التنظيمية، والضمانات المؤسساتية للانتخابات الحرة.
خطة تمكين الشباب: تفكيك الاحتكارات وإرساء العدالة
فصَّلت مهرانا محمدي (Mahrana Mohammadi)، طالبة القانون، هذا البديل برسم خطة السيدة مريم رجوي لتمكين الشباب. وحدّدت ركائز الخطة، التي تبدأ بتفكيك الاحتكارات الاقتصادية الهائلة للحرس الثوري التي «خنقت الإمكانات الاقتصادية للشباب».
وشدّدت على أن استعادة هذه الأصول وإعادة توجيهها إلى «صندوق وطني لريادة الأعمال الشبابية» من شأنه أن يطلق الابتكار. كما أكدت أن استعادة الجامعات لتكون «مراكز للفكر بدلًا من أن تكون أدوات للسيطرة الأيديولوجية»، وضمان قيادة المرأة، أمرٌ أساسي. وأبرزت أهمية إنشاء «قضاء مستقل» (ضمن خطة النقاط العشر) بوصفه «العمود الفقري لأي ديمقراطية» والضمان الوحيد لعدالة حقيقية وغير منحازة.
واختتامًا، أكّد المحللون أن مصداقية هذه الحركة تأتي من رفضها للديكتاتورية اللاهوتية منذ عام 1979، وأن كل انتفاضة تصبح «أكثر جذرية وأكثر انتشارًا»، لأن الشباب يؤمنون الآن بأن المستقبل الديمقراطي في متناول أيديهم، وأن هذا التآزر بين الشعب والمقاومة المنظمة هو الذي سيمهِّد الطريق في النهاية لـ«جمهورية إيرانية حرة وديمقراطية وعلمانية».
في القرار الختامي لمؤتمر «إيران الحرة 2025»، طالب المشاركون في التجمع، بمن فيهم الشباب، بأن يعترف المجتمع الدولي والحكومات الديمقراطية بحق الشعب الإيراني وحق وحدات المقاومة في مواجهة الاستبداد الديني والقوات القمعية، وخصوصًا الحرس الثوري الذي أدرجته الولايات المتحدة الأمريكية كمنظمة إرهابية أجنبية.




