تحت المجهر

من هو علاء الخواجة؟

الخفاء صفة أمنية، أو هي صفة رجال الأمن، أصحاب الأدوار الحسّاسة. لكنها لم تعد حكراً عليهم. فاللبنانيون يسمعون، منذ فترة ليست بالقصيرة، بأسماء كثيرة لرجال أعمال، يتسمون بصفة الخفاء أو عدم الرغبة بالظهور. رجل الأعمال الأردني – المصري علاء الخواجة من بين هؤلاء. هناك كثر من أمثاله معظمهم من اللبنانيين. لكن الخواجة تحديداً شغل الأوساط اللبنانية، في الآونة الأخيرة. سيقت اتهامات كثيرة بحقه، حول الأدوار التي يؤديها. البعض اتهمه بلعب دور سياسي، وآخرون اعتبروا أنه يريد فقط تمرير مصالحه واستثماراته. الردود على هذه الاتهامات، كانت سريعة وبديهية، من قبل جهات لبنانية تعرف الدوافع والغايات، قائلة أن من يهاجم خواجة هو بالأحرى ما طالبه بعون أو مال ولم يظفر، فلجأ إلى التصويب عليه.

اتهامات عراقية
اللافت أن الخواجة لم يردّ على أي اتهام، ولم يدخل في أي سجال مع أي طرف، مفضّلاً الصمت والبقاء في حالة تشبه الغياب. هنا، يقول عارفوه بأنه من الذين لا تؤثر به هذا النمط من التهجمات، ولا يمكن له أن يتنازل أو يتأثر. لا بل يقول: “فليقولوا ما أرادوا”. همّه الوحيد إنجاز أعماله، وتمريرها بحدّ أدنى من الخسائر أو الضوضاء، لأن غايته الأساسية تبقى ربحية، من أعماله الكثيرة في دول متعددة، سواء في الأردن أو في مصر أو العراق.

في أعماله مع بعض الشركاء العراقيين، اتّهم الخواجة باتهامات متعددة، بأن عينه على تحقيق الثروات على حساب أموال الشعب العراقي. لكن وفق ما تؤكد معلومات من مقّربين منه، فهو لم يدخل بشكل مباشر إلى الساحة العراقية، كان شريكاً لأحد رجال الأعمال العراقيين الكبار، وهذا الشريك هو الذي سيقت بحقه اتهامات داخل العراق، منذ أيام صدام حسين. وبعدها بفترة، عمل الخواجة على فضّ الشراكة، تجنّباً للمزيد من الجلبة والضوضاء. يستخدم عارفوه هذا المثال، للانتقال إلى حاله اللبنانية، والتأكيد بأنه يدخل في أعمال كبيرة واستثمارات ضخمة، وغايته الوحيدة هي الربح. لكنّه أيضاً في المقابل، يفضّل راحة باله، ولذلك يحرص على دخول أي استثمار مستنداً إلى صوابه القانوني، فلا يسمح بأي خرق للقانون أو للأسس الموضوعة، كي لا يرتد عليه ذلك سلباً، أو يُستخدم في خانة الاستهداف الجدّي لأعماله. وتؤكد المعلومات أنه محاط في لبنان بفريق من الحقوقيين والمحامين، الذين يعملون على إنجاز أي اتفاق أو صفقة يبرمها، بطريقة قانونية.

تطهير بنك المتوسط
تعدّ هذه من إحدى أبرز الخطوات التي اتخذها الخواجة عند شرائه الحصة المرجّحة من بنك البحر المتوسط، والتي تبلغ أكثر من 40 بالمئة، ليصبح شريكاً للرئيس سعد الحريري والسيدة نازك الحريري. حصّته الراجحة في المصرف، دفعته إلى اتخاذ إجراءات قاسية داخله، سواء بحملة التطهير الوظيفي التي قام بها، تخلصاً من فائض الموظفين الذين أتوا لأسباب سياسية وانتخابية من قبل الحريري، إلى جانب إبعاده أحد أبرز المقربين من الحريري، وهو محمد الحريري، الذي كان يدير شركة سعودي أوجيه، وحضر فيما بعد إلى لبنان لإدارة المصرف. وتضيف المعلومات إن الحريري كان مديناً للمصرف، وبعيد دخول خواجة عمل على وضع إطار قانوني، ألزم رئيس الحكومة اللبنانية بجدولة ديونه وتسديدها، وذلك لإسباغ الصفة القانونية على التعاملات، وللإشارة إلى أنه لا يريد أن يعمل بالمنطق الذي كان سائداً. صحيح أن الديون التي وفّاها الحريري للمصرف، ربّما كان قد استحصل عليها من الخواجة، لكن الخواجة يريد نجاح المصرف وتحقيق الأرباح الطائلة. وهذه غايته الوحيدة، وفق ما يؤكد عارفوه.

الوصاية على الحريري؟
وصل الأمر ببعض اللبنانيين إلى حدّ إتهام علاء الخواجة بالوصاية على الرئيس سعد الحريري، وهناك من اعتبر أن الرجل يؤدّي دور الوصي المراقب لتصرفات رئيس الحكومة. خصوصاً، أن هؤلاء يربطون بين بروز دوره الطاغي وإعلان الحريري عن نسخة جديدة من نفسه، عندما قال:” سعد الحريري 2018 غير سعد الحريري 2008″. وينسب هؤلاء هذا التغيّر إلى تأثير الخواجة، الذي يعتبر أن السياسة لا تطعم خبزاً، وبدلاً من الدخول في زواريبها، من الأفضل للمرء التركيز على الاقتصاد. وهذا، حسب هؤلاء، ما دفع الحريري إلى التعاطي ببراغماتية، لتمرير المشاريع الاقتصادية: “لأن السياسة لا تنتج، ولا تفيد لا البلد ولا المصالح الشخصية”.

وحسب المعلومات المتداول بها، في بعض الأوساط والكواليس، فإن الخواجة رفع الحريري من حالة الإفلاس والديون، وأنقذه من العديد من الدعاوى. طريقة عمل علاء الخواجة مع سعد الحريري، توحي بالإستمرار انطلاقاً من الإشراف الشخصي والمالي عليه. ويكاد والحال هكذا أن يلعب الدور نفسه مع لبنان ككل. وكما فعل مع الحريري، سيعمل على ذلك مع شخصيات أخرى في البلد. وطبعاً، كل أعماله تردّ عليه مردوداً مالياً هائلاً جداً.

مع عون وباسيل
لدى سؤال بعض عارفي الخواجة حول هذه المسألة، يستهزؤون من مسألة التأثير السياسي على الحريري، ويجزمون بأن الخواجة لا علاقة له بالسياسة، ولا يحبّذها. لكن مطلق رجل أعمال هو بحاجة إلى علاقات سياسية جيدة، في البلاد التي يمارس بها أعماله، من أجل تسييرها وتسهيلها. هنا حصراً، حسب هؤلاء، تدخل علاقات الخواجة السياسية، التي تتحسن أكثر فأكثر مع سياسيين لبنانيين إضافة إلى الحريري. إذ تشير المعلومات إلى أنه يتمتّع بعلاقة ممتازة بالوزير جبران باسيل وبرئيس الجمهورية ميشال عون. ولديه زيارات متعددة إلى القصر الجمهوري وإلى البترون. حتى أن البعض يعتبر أنه قادر على زيارة القصر الجمهوري من دون موعد، إذا ما اقتضت الحاجة.

صفقة باسيل – الحريري بباريس
قبيل ولادة الحكومة بأيام قليلة، تحدّثت معلومات عن لقاء حضره علاء الخواجة في باريس، مع الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل. وهناك من يعتبر أن الاتفاقات الاقتصادية التي أبرمت في لقاءات باريس، هي التي أدت إلى ولادة الحكومة. ويربطون ذلك بملف دير عمار وخزانات النفط، ويعتبرون أن الخواجة شريكاً في هذه المشاريع. لكن مصادر أخرى تنفي علمها بهذه المعلومات، وتشير إلى أنه لو دخل بهذا الاتفاق فستكون أهدافه ربحية وغير سياسية. وتجزم بأنه لا يمكن أن يدخل في مشروع لا ينتج، أو أن يكون غير قانوني، بمعزل عن التفاصيل اللبنانية. لكن الأكيد، حسب هؤلاء، أن الاستناد على توقيع بالتراضي لهذه التلزيمات، لا بد أن يكون له مسوغات قانونية في أساس القانون اللبناني.

أسئلة كثيرة في لبنان تطلق حول الدور الذي يلعبه الخواجة مع الحريري في السياسة، وإذا ما كان ينطلق في تحركاته اللبنانية بالاستناد إلى قوة إقليمية أو دولية. الجواب يأتي سريعاً، بأنه لا يدخل في السياسة، فهو في الأردن، يتمتع بعلاقة قوية بالملك الأردني عبدالله الثاني. ولو كان لديه طموح سياسي لكان بإمكانه أن يكون رئيساً للوزراء هناك. ويشددون بأن كل منطلقاته في لبنان غايتها الاستثمارات، وما السياسة والعلاقات السياسة إلا لخدمة تلك الاستثمارات.

شبكة السعودية – الأردن – مصر
يتمتع الخواجة بعلاقات إقليمية ودولية كبيرة جداً، علاقته قوية جداً بالديوان الملكي السعودي، وكذلك في الأردن ومصر، وفي دول غربية متعددة. وهذا ما دفع بعض اللبنانيين إلى اتهامه بأنه يؤدي دوراً سعودياً بـ”الإشراف على الحريري”، لكنّ ذلك لا يبدو مقنعاً، إستناداً إلى مجموعة عوامل. أولاً، الخيارات السياسية التي يتخذها الحريري، والتي لا تصب في خانة أصدقاء آخرين للسعودية في لبنان، بالإضافة إلى تقاربه مع الوزير جبران باسيل. وثانياً، أن الحريري عنيد بطبعه، ولا يمكن لأي شخص أن يؤثر على قراراته أو قناعاته، أو تغييرها، أو إلزامه على ما لا يريد. وثالثاً، وفي أيام أزمة الحريري بالرياض، كان الخواجة من الذين يعملون على إعادته، واستخدم علاقاته وضغوطه في سبيل ذلك، إلى جانب نهاد المشنوق ونادر الحريري. وانطلق في هذه الضغوط من حساباته الاقتصادية ولحماية استثماراته. ورابعاً، هو على علاقة جيدة بنادر الحريري، الذي تعتبر الأوساط أنه مستبعد من الدائرة السياسية للرئيس سعد الحريري بسبب عدم رضى سعودي عليه، بينما الخواجة هو الذي أدخل نادر الحريري إلى مجلس إدارة شركة سوليدير، حيث له فيها أيضاً استثمارات بنسبة غير معلومة.

صداقة أبناء مبارك
لدى الخواجة أعمال كبرى في لبنان كما في مختلف دول المنطقة، كمصر مثلاً، حيث تربطه علاقات فيها مع أبناء الرئيس السابق حسني مبارك علاء وجمال، كما لديه علاقات تجارية مع نجل الصحافي الراحل محمد حسنين هيكل. يُجمع من يُسأل عنه، بأنه يكتسب صفة الاستقلالية في السياسة على الرغم من علاقاته الواسعة، بمعنى أنه يمثّل مصالحه وطموحاته فقط، ولا يمثّل أي جهة دولية أو إقليمية، وحين تتعارض مصالحه مع رؤية أو توجهات إحدى الدول، فهو يغلّب مصلحته.

لا يحب علاء الخواجة الإعلام، ولا يحبّذ أن يتم التداول باسمه، وفق ما يؤكد عارفوه. وقد ينزعج عندما تأتي أطراف على ذكر اسمه، لكنهم يؤكدون بأنه لا يتأثر، ولا يمكن ابتزازه على الطريقة اللبنانية المعتادة، من قبل بعض أصحاب النفوذ. يصحو باكراً، لأنه منهمك بأعماله بجدّية، النهار للعمل، والليل للفرح، فهو محبّ للغناء والرقص، وهو من عائلة مقتدرة، إذ أن جدّه لأمه كان رئيساً للوزراء في الأردن.

منير الربيع – المدن

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button