تصاعد حرب الذئاب في قمة نظام إيران ومطالبة بمحاكمة وسجن حسن روحاني

تشهد وسائل الإعلام التابعة للنظام الإيراني في الأيام الأخيرة من شهر أكتوبر 2025 تصعيدًا غير مسبوق في الصراع بين أجنحة السلطة. هذه المواجهة، التي خرجت من الغرف المغلقة إلى العلن في جلسات البرلمان، تكشف عن عمق التصدعات في بنية الحكم، حيث لم يعد الصدام بين الرئيس السابق حسن روحاني والبرلمان مجرد خلاف سياسي عابر، بل رمزًا لمراحل الصراع الأخيرة على السلطة ودليلاً على تآكل هيمنة خامنئي.
هجوم روحاني على شرعية البرلمان
شنّ حسن روحاني، الرئيس السابق، هجومًا مباشرًا وجذريًا على شرعية البرلمان الحالي، متسائلاً عن مدى تمثيله الحقيقي للشعب ونسبة الأصوات التي يحظى بها. لكن الطعنة الأعمق كانت حينما أكد أنه يمكن قبول الخلافات إذا كانت بنسبة 50-50 أو حتى 40-60، “ولكن عندما يكون 90% من الناس في جانب، لا يمكن اعتبار ذلك قانونًا”.
وختم روحاني هجومه بوصف القوانين التي يعارضها غالبية الشعب بأن “روحها فاسدة”. هذا التصريح لم يكن مجرد نقد فني، بل كان تشكيكًا مباشرًا في أساس شرعية الحكم الذي يسيطر عليه الجناح المهيمن حاليًا.

تصاعد الصراعات الداخلية في إيران حول التعيينات الوزارية يكشف عن انقسامات عميقة
يستمر الصراع الداخلي على السلطة داخل النظام الإيراني في التصاعد، مما يكشف عن الانقسامات العميقة بين الفصائل المختلفة. في 24 أغسطس/آب، حاول مسعود بزشكيان، الرئيس المعين حديثًا للنظام، مرة أخرى إظهار ولائه للولي الفقیة علي خامنئي من خلال اصطحاب حكومته بأكملها لزيارة قبر خميني، الولي الفقیة السابق
رد الفعل العنيف للبرلمان
كان رد فعل البرلمان سريعًا وعنيفًا، وسرعان ما انحدر من النقد السياسي إلى التهديدات القضائية والهجمات الشخصية، بتوجيه من رئيس البرلمان نفسه.
محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان، اتهم روحاني ووزير خارجيته ظريف بإلحاق الضرر بـ”مسار التعاون الاستراتيجي مع روسيا”، مما يظهر أن الصراع يمتد إلى خلافات جوهرية حول السياسة الخارجية.
بعد ذلك، بدأ النواب المتشددون هجومهم:
- أمير حسين ثابتي وصف روحاني بأنه “صاحب الرقم القياسي لأكثر سياسي مكروه في إيران”، وحمّله مسؤولية مجزرة نوفمبر 2019، مطالبًا القضاء بمحاكمته.
- حميد رسائي اعتبر تصريحات روحاني محاولة لـ”صرف الانتباه عن خيانات حكومته”، وسأله بتهكم: “ماذا كانت نتيجة 8 سنوات من الانحناء أمام أمريكا؟”، وطالب بمحاكمته بتهمة السرقة العلمية في رسالة الدكتوراه الخاصة به.
لم يقتصر الأمر على الكلمات، بل تحول إلى هتافات داخل قاعة البرلمان، حيث ردد النواب شعارات “محاكمة!” و “الموت لفريدون!” (اسم روحاني الأصلي، في إهانة مقصودة).
ما معنى الصراعات الداخلية في البرلمان الإيراني؟
في يوم الثلاثاء، 25 فبراير، خلال جلسة علنية في البرلمان الإيراني، قام المعمم حميد رسائي بخطوة غير مألوفة حيث قام ببث مقطع صوتي لمسعود بزشکیان عبر الميكروفون الرسمي للبرلمان
تآكل النظام وتراجع هيمنة خامنئي
إن حدة هذا الصراع وعلنيته وطابعه القضائي والشخصي، كلها مؤشرات على أن حرب السلطة بين الأجنحة الحاكمة قد وصلت إلى مراحل حساسة. الهجوم المباشر على رئيس سابق باتهامات أمنية خطيرة (مجزرة نوفمبر 2019) وأخلاقية (السرقة العلمية)، والهتاف بمحاكمته في البرلمان، يعني أن قواعد اللعبة قد كُسرت.
هذا التصعيد يكشف عن تآكل هيكلي في بنية النظام الذي لم يعد قادرًا على إدارة خلافاته الداخلية. عندما يبدأ جناح بتهديد جناح آخر بالتصفية القضائية أو الجسدية، فهذا يعني أن هيمنة خامنئي، التي كانت كافية في السابق للحفاظ على التوازن، لم تعد قادرة على منع انهيار الواجهة الحاكمة وتسرب الصراعات إلى العلن. إنها علامة واضحة على تضعضع سيطرة المرشد وزيادة عدم الاستقرار في كامل بنية نظام ولاية الفقيه.




