مقاطعة أقلية الاستئثار وضرب الانتشار

بقلم يوسف يونس
من المتوقّع أن تُشحذ الهمم وتُستَنفَر الأبواق الإعلامية والسياسية للثلاثي المعرقل للانتخابات، متّهمين القوات اللبنانية وسائر القوى السيادية بالتعطيل. وقد رفع رئيس مجلس النواب نبيه برّي الجلسة التي كانت مقرّرة في 30 أيلول 2025 لعدم اكتمال النصاب، مع أنّها كانت ستُعقد من دون إدراج بند “المعجّل المكرّر”، ليصبح بحكم المؤجّل إجراء الانتخابات في موعدها.
ويأتي ذلك في ظلّ إصرار هذا الثلاثي على حصر تصويت المغتربين بـ”الستة نواب” بدل السماح لهم باختيار كامل نواب المجلس (128 نائبًا)، وهو تشبّث يخفي نية مبيّتة لتعطيل اقتراع المنتشرين وتأجيل الانتخابات، خصوصًا مع شعور الثنائي الشيعي والتيار العوني بخطر خسارة المزيد من المقاعد النيابية.
وقد عبّر النائب علي فيّاض عن هذه الغاية المستترة حين برّر، من أمام المجلس النيابي في 29 أيلول 2025، موقف المقاطعة بقوله إنّ “رفض التصويت للمقاعد الستة في الخارج يستند إلى تقرير اللجنة الوزارية الذي يؤكد أنّ تطبيق هذا الإجراء يحتاج إلى إضافات تشريعية صادرة عن مجلس النواب لضمان الشفافية والمساواة في العملية الانتخابية”.
وعليه، فإنّ المقاطعة المبرّرة شرعيًا وقانونيًا وجامعة، هي خطوة في الاتجاه الصحيح لتعطيل ما حاول هذا الثلاثي تمريره: منع المغتربين من التصويت لـ128 نائبًا، وتأجيل الانتخابات وتمديد ولاية المجلس الحالي. والأهمّ، وضع حدّ لتمادي رئيس المجلس نبيه برّي في إدارة ملتوية واستنسابية للمجلس النيابي وارتكابه مخالفات جسيمة، عبر امتناعه عن إدراج اقتراح القانون المعجّل المكرّر المقدَّم منذ 9 أيار الماضي من عدد من النوّاب، والرامي إلى تعديل بعض مواد القانون الانتخابي، على جدول أعمال الجلسة العامة.
ويُذكَّر هنا بأنّ نص المادة 109 من النظام الداخلي للمجلس واضح، إذ يفرض على الرئيس طرح أي اقتراح أو مشروع معجّل مكرّر على المجلس في أول جلسة يعقدها بعد تقديمه، حتى ولو لم يكن مدرجًا في جدول الأعمال. ويضاف إلى ذلك نص المادة 112، الذي يُلزم المجلس بمناقشة صفة الاستعجال المكرّر والتصويت عليها أولًا، فإذا أُقرّت، وجب مباشرة مناقشة الموضوع والتصويت عليه من دون إحالته إلى أي لجنة مختصّة.