جبران باسيل: رمز للفشل والانهيارات الكبيرة

يوسف يونس
إنّ أكثر ما يعبّر عن النائب جبران باسيل وتيّاره السياسي هو تلك النظرة إلى السياسة بوصفها وسيلة لتحقيق مصالح شخصية داخل السلطة. فمن يتابع مسار رئيس “التيار الوطني الحرّ” يلحظ سريعًا أنّ مواقفه ليست نتاج رؤية وطنية واضحة أو أولويات سيادية جامعة، بل انعكاسًا لأجندة ضيّقة هدفها حجز مقاعد في السلطة بأي ثمن.
في خطابه السياسي، يتنقّل باسيل بين العناوين بلا ثبات: تارةً مع السلام، وطورًا في صفّ سلاح “حزب الله”. يدعو إلى اللامركزية ويسخّف الطرح، ثم يقفز إلى طروحات أخرى كالعلمنة أو انتخاب الرئيس من الشعب، وغيرها من البهلوانيات والطروحات الفارغة. يريد كل شيء تقريبًا، لكنه لا يجيد القيام بشيء، والبرهان سلسلة الإخفاقات التي طبعت أداءه في ملفات حيوية: من الكهرباء إلى الاتصالات، مرورًا بوزارة الخارجية وسواها من القطاعات التي أدارها أو أدارها مقرّبون منه.
الأخطر أنّ باسيل لم يكتفِ بإدارة فاشلة للملفات الداخلية، بل فرّط بالقرار الاستراتيجي للبنان منذ العام 2005 حين ربط خياراته بحزب الله والنظام السوري السابق، وما زال حتى اليوم أسير هذا التموضع. وعلى هذا الأساس، تشكّلت شبكته السياسية من وزراء ونواب ومقرّبين ارتبطوا به إمّا عبر وظائف وصفقات أو مكاسب آنية، من دون أي مشروع سياسي جامع أو رؤية مستقبلية.
اليوم، لم يعد جبران باسيل مجرّد شخصية خلافية، بل أصبح عيّنة من أسباب انهيار لبنان في السنوات الأخيرة، ودليلًا على أن السياسة القائمة على الخداع واستغلال عواطف الناس لا بدّ لها أن تسقط في نهاية المطاف. إنّ التجربة الباسيلية، وما قبلها مع عمّه العماد ميشال عون، بما فيها من تناقضات وفشل، تشكّل إشارة واضحة للرأي العام إلى ضرورة معاقبة هذه النماذج في صناديق الاقتراع في الربيع المقبل وإخراجها من الحياة السياسية.