اخبار العالم

تداعيات الانهيار السوري على الحوثيين واليمن

اليمن هو الساحة الثالثة التي ستتأثر بعمق من سقوط بشار الأسد وتراجع المشروع الإيراني في المنطقة. فالحوثيون، الذين يشكلون ذراع طهران في شبه الجزيرة العربية، استمدوا دعمًا سياسيًا وعسكريًا ومعنويًا كبيرًا من بقاء الأسد في السلطة. واليوم، مع اقتراب سقوط دمشق، يدخلون في مرحلة شك وجودي قد تعيد رسم ملامح الصراع في اليمن.
النظام الإيراني اعتمد على استراتيجية “المحاور” لتطويق خصومه في المنطقة. فسوريا ولبنان كانتا مركز الثقل في المشرق، بينما شكّل الحوثيون رأس الحربة في الجنوب لتهديد أمن الخليج والملاحة الدولية. سقوط الأسد يعني تقويض هذا التوازن، وسيجعل الحوثيين في وضع أضعف بكثير، خاصة مع ازدياد الضغوط الدولية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن.
تقارير دولية عدة أكدت أنّ الدعم اللوجستي الذي كان يمر عبر سوريا أساسي في تعزيز قدرات الحوثيين. فطهران كانت تستخدم شبكاتها لتهريب السلاح والتكنولوجيا العسكرية عبر مسارات معقدة تبدأ من دمشق وتنتهي في صنعاء. ومع انهيار هذا الجسر، سيفقد الحوثيون جزءًا مهمًا من قدرتهم على الاستمرار في الحرب الطويلة.
إضافة إلى ذلك، فإنّ سقوط الأسد سيُقرأ كإشارة على تراجع الهيمنة الإيرانية، ما سيشجع الأطراف اليمنية المناهضة للحوثيين على تصعيد ضغوطها. كما سيزيد من تصميم التحالف العربي على إنهاء النفوذ الإيراني في اليمن، مستفيدًا من اللحظة الإقليمية التي تشير إلى ضعف المحور الإيراني.
على الصعيد الداخلي الإيراني، سيكون لهذا التطور انعكاس مباشر. فالنظام الذي طالما برر دعم الحوثيين باعتباره “دفاعًا عن محور المقاومة”، سيجد نفسه أمام شعبه عاجزًا عن تبرير استمرار نزيف الأموال في مغامرات خارجية لم تجلب سوى الخراب. ومع تزايد الغضب الشعبي والاحتجاجات المستمرة منذ ٢٠١٨، قد يتحول اليمن إلى رمز إضافي لفشل النظام وسياسته التوسعية.
المجتمع الدولي، الذي بات مقتنعًا بأنّ النظام الإيراني لا يسعى سوى لكسب الوقت عبر مفاوضات فارغة، أصبح أكثر استعدادًا لتبني سياسات حازمة. التقارير الأخيرة عن احتمال تفعيل آلية الزناد وإعادة العقوبات الأممية تؤكد هذا الاتجاه. وفي حال تراجع نفوذ طهران في اليمن، ستزداد فرص الضغط عليها لإنهاء مشروعها النووي ووقف تدخلاتها التخريبية.
في هذا السياق، تبرز المقاومة الإيرانية باعتبارها البديل الديمقراطي القادر على إنهاء هذه السياسات الكارثية. طرح السيدة مريم رجوي لـ “الخيار الثالث” – أي التغيير على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة – يجد اليوم صدى أوسع من أي وقت مضى، خاصة مع إدراك العالم أنّ لا استقرار في اليمن ولا في المنطقة ما دام النظام الإيراني قائمًا.
ومن هنا، تأتي رمزية التظاهرات الكبرى التي ستنظم في نيويورك في ٢٣ و٢٤ سبتمبر، حيث سيجتمع آلاف الإيرانيين ليقولوا للعالم إنّ البديل موجود وإنّ التغيير ممكن. هذه التظاهرات ستربط بين فشل النظام في سوريا واليمن ولبنان، وبين الحل الجذري الذي يبدأ من طهران وينتهي بتحرير المنطقة من مشروع ولاية الفقيه

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى