تحت المجهر

لماذا لا يستورد لبنان الفيول أويل من السعودية بدل الارتهان لصفقات مشبوهة؟

بقلم تادي عواد

على مدى سنوات طويلة، عانى لبنان من فضائح الفيول المغشوش والتلاعب بالعقود، وصولاً إلى التجربة الفاشلة في الاتفاق مع العراق. السؤال البديهي الذي يطرح نفسه اليوم: لماذا لا يتوجّه لبنان إلى المملكة العربية السعودية، وهي من أكبر منتجي الفيول أويل في العالم، لتأمين حاجته من الطاقة وتشغيل معامل الكهرباء؟

 

السعودية: عملاق إنتاج وتصدير الفيول

المملكة العربية السعودية، عبر شركة “أرامكو”، تمتلك قدرات إنتاجية هائلة تجعلها إحدى أهم الدول المصدّرة للفيول أويل بمختلف أنواعه.

إنتاج متنوع: مصافي رأس تنورة، الجبيل، وينبع تنتج كميات ضخمة بمواصفات مختلفة.

 

النوعيات:

Grade A: فيول نظيف نسبياً، نسبة الكبريت فيه أقل، يُستخدم في بعض المعامل والسفن.

Grade B: الأثقل والأرخص، وهو تماماً ما تحتاجه معامل الكهرباء اللبنانية (الزوق، الجيّة، دير عمار، الزهراني).

الأسواق: فيول السعودية يُصدَّر بشكل أساسي إلى آسيا (الصين، الهند، سنغافورة)، إضافة إلى أسواق البحر المتوسط.

هذه القدرات تجعل المملكة قادرة على تلبية حاجة لبنان بسهولة، بل وبشروط عادلة وشفافة.

 

لبنان: غارق في صفقات مضروبة

العقد العراقي لم يكن سوى حلّ ترقيعي أتاح للبعض تقاسم أرباح النقل والسمسرات، بينما خسر المواطن أبسط حقوقه في كهرباء مستقرة.

فبدلاً من الانفتاح على سوق واضحة وشفافة، تم تمرير عشرات البواخر عبر وسطاء وبشهادات منشأ مزوّرة، تحت أعين السلطة وبغطاء سياسي.

والنتيجة: كهرباء مقطوعة أكثر من 20 ساعة يومياً، ومليارات ضاعت في جيوب المافيات.

 

أين المصلحة الوطنية؟

من الناحية التقنية والتجارية، لا شيء يمنع لبنان من التعاقد مباشرة مع السعودية:

وفرة في الإنتاج.

جودة بمواصفات عالمية.

أسعار منافسة في السوق العالمية.

شحن قريب عبر البحر الأحمر وقناة السويس، من دون تكاليف باهظة أو تعقيدات.

 

من يعرقل القرار؟

يبقى السؤال: لماذا يصرّ بعض المسؤولين على استبعاد السعودية؟

هل هو إرضاء لمحاور إقليمية تضع “فيتو” على أي تعاون اقتصادي مع الرياض؟

أم رغبة في إبقاء السوق تحت سيطرة الوسطاء والسمسرات؟

أم أن غياب القرار السيادي جعل لبنان رهينة لمعادلات لا تمتّ بصلة لمصلحة الشعب؟

 

السعودية ومواقفها الثابتة مع لبنان

المملكة لم تتأخر يوماً عن مدّ يد العون للبنان، سواء عبر الدعم المالي، الاستثمارات، أو المساعدات الإنسانية المباشرة. وهي دولة عربية كبرى ترى في استقرار لبنان مصلحة عربية وإقليمية مشتركة.

إن خيار التوجه إلى السعودية لا يعني فقط شراء فيول بجودة عالية وسعر عادل، بل هو أيضاً رهان على شراكة عربية صادقة تضع مصلحة اللبنانيين فوق المصالح الضيقة.

 

الخلاصة

الحل أمامنا، وهو بسيط وواضح: التوجه إلى السعودية لتأمين الفيول أويل مباشرة بشفافية، بدل الاستمرار في الغرق بصفقات غامضة مع وسطاء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى