اميريكا تتجه نحو تصنيع (NGP) قنابل جديدة خارقة للتحصينات خليفة الـMOP، القنبلة ( Next-Generation Penetrator )

بقلم تادي عواد
في سبتمبر 2025 منحت القوات الجوية الأميركية عقداً لشركة Applied Research Associates (ARA) لتصميم ونمذجة القنبلة الخارقة للتحصينات من الجيل التالي (NGP) كبديل مخطط للـ GBU-57/B Massive Ordnance Penetrator (MOP) التي استخدمت عملياً خلال عملية “Operation Midnight Hammer” في يونيو 2025. المقالة التالية تشرح دوافع التطوير، أهداف التصميم، قضايا التكامل بالمنصّات، تحديات الاختراق والفتيل، تأثيرات التكتيك-الاستراتيجيّة، وما يمكن توقّعه خلال مرحلتي النمذجة والاختبار.
لماذا يحتاج الجيش إلى «جيل جديد» من القنابل الخارقة للتحصينات؟
الـ MOP (حوالي 30,000 رطل) صُمِّمت لتعطيل منشآت عميقة ومحميّة، لكن عملياً أظهرت ضربات يونيو 2025 قيودًا تشغيلية مهمة: وزنها الهائل يقيدها بمنصات محدودة (B-2) ويحدّد عددها القابل للنقل لكل طلعة، كما أن تكاليف الإنتاج والتشغيل عالية والمرونة منخفضة مقارنة بالتهديدات المتطوِّرة. لذلك اتُّخذ قرار تطوير ذخيرة أصغر وزنًا، أكثر دقّة وقابلة للنشر على منصّات أوسع، مع الحفاظ على خاصية «الاختراق العميق للحصون» كقدرة أساسية.
أهداف التصميم الفنية المتوقعة لـ NGP
من مستندات الإعلان وتحليلات الصحافة المتخصصة نستطيع أن نلخّص متطلّبات التصميم المعقولة كالتالي:
خفض الوزن الإجمالي مع المحافظة على قدرة اختراق ذات معنى عملي (مصطلحات إعلامية تشير إلى هدف ≤ ~22,000 رطل).
تحسين الدقة بدمج أنظمة توجيه متقدمة قادرة على العمل في بيئات معادية للإشارات (GPS-denied)، ما يزيد فعاليّة الضربة على أهداف محدّدة داخل بنية تحتية معقّدة.
تصميم هيكلي محسن للاختراق: مواد وهيكل خارجي (body/structure) ومدفوعات داخلية — مع فواصل زمنية للانفجار بعد التوقّف — لتحقيق أقصى اختراق ممكن دون التفجير قبل الوصول للعمق المطلوب.
قابلية دمج “tail kit” وواجهة على منصّات متعددة (بوينغ تشارك في تصميم مجموعة الذيل وفق الإعلانات) لتمكين توافقية مع طائرات مستقبلية مثل B-21 وكذلك تعديلات على B-2 أو منصّات اختباريّة أخرى.
ملاحظة أمان فني: التفاصيل الدقيقة عن مواد الغلاف، هندسة الفيوز أو نوعية المتفجرات تُعامل عادة بسرية شديدة؛ الإفصاح عنها قد يخلق مخاطر تشغيلية وسياسية.
المنصّات وقيود النقل (Integration & Logistics)
الـ MOP عمليًا مقيد بحاملين رئيسيين ظاهريًا: B-2 و(مستقبلاً) B-21. أحد أهداف NGP هو توسيع نطاق الحمل ليشمل طائرات تكتيكية أو استراتيجية أكثر انتشارًا وبالتالي زيادة القدرة على الانتشار والردع المرن. تقليص الوزن يعني إمكان حمل عدد أكبر من القنابل في طلعة واحدة، أو أن يحمِل الطائرة أنواعًا مختلطة من الذخائر بحسب المهمة. كما أن دعم التشغيل على منصّات متعددة يتطلّب واجهات ميكانيكية/كهربائية وبرمجية معيارية — وهو ما تركز عليه عقود التصميم الأولى.
قضايا الاختراق والقتل (Penetration vs. Effects)
تصميم ذخائر «خارقة للتحصينات» دائماً يحفل بتوازنات متضادة:
الكتلة والزخم → يعزّز الاختراق لكن يزيد صعوبات النقل والانتشار.
شحنة متفجّرة أكبر → تعطي تأثيراً أكبر داخل الفراغات تحت الأرض لكن قد تتطلب جسمًا أكبر ليُحمِلها ويحافظ على الاختراق.
فتيل ذكي/متحكم بـ void sensing → يسمح بالتفجير داخل الفراغ تحت الأرض بدقة؛ يُعدّ تطوراً مهمًّا لأن MOP تقترن بمزايا/قيود في أنظمة الفيوز. تحديث هذه الفيوزات لتشخيص الفراغات وتعطيل الأهداف بدقة سيكون هدفًا محوريًا للـ NGP لكن مع قيود سرية واعتبارات أخلاقية-قانونية.
النظم التوجيهية والملاحيّة (Guidance & Resilience)
أعلنت تقارير صحفية أن مطالَبَات الـ NGP تشمل ملاحة فعّالة في بيئات معادية للإشارات (GPS-denied) ودمجًا لأنظمة قياس قصور ذاتي (INS)، مزيج من الرؤية السفلية أو تتبّع التضاريس وربما الاستشعار متعدد الأطياف لتصحيح المسار. هذا التوجه يهدف لتجنّب تشويش أو تعطيل الإرشاد وتقليل اعتماد السلاح على مساعدة خارجية أثناء الاقتراب من الهدف.
الجدول الزمني والمرحلة الحالية للعقد
العقد الذي مُنح لــ ARA هو على مدى تقريبًا 18–24 شهرًا لتصميم وبناء واختبار نماذج prototype وsubscale وفحص قدرات الانفجار والاختراق في مرافق اختبار ذات صلة. في هذه المرحلة ستركز الفرق على النماذج الهندسية، اختبارات المواد، محاكاة الاختراق، وتجارب حمل-منصة أولية. المرحلة التالية (إذا نجحت النماذج) ستنتقل إلى اختبار ميداني وتحسينات قبل قرار الإنتاج التسلسلي.
الاعتبارات التكتيكية-الاستراتيجية والسياسية
إعادة تشكيل مفهوم الضربات الدقيقة ضد الأهداف العميقة: بديل أصغر للدفع بقدرة تدمير هياكل تحت الأرض دون الالتزام بعمليات ضخمة متمركزة حول قنبلة واحدة.
تخفيف القيود التشغيلية: توزيع القدرة على منصّات متعددة يزيد من الغموض أمام الخصم ويُحسن خيارات القادة التكتيكيين.
تبعات سياسية/قانونية: توظيف قنابل خارقة قد يثير نقاشًا حول الحدّ من الضرر المدني، وقواعد الاشتباك والشرعية الدولية خاصةً إذا استُخدمت في سيناريوهات حسّاسة أو ضد مواقع مدنية-صناعية مختبئة. يجب أن ترافق التطويرات إطارًا قانونيًا وسياسياً واضحًا.
مخاطر تقنية متوقعة
اختبارات الاختراق لا تترجم دائمًا إلى نتائج ميدانية مُطابقة لأن التربة، الطبقات الخرسانية، وأسلوب البُنى تختلف بدرجة كبيرة.
خطر الإفراط بالثقة في التكنولوجيا: تقنيات ملاحة متقدمة قد تتعرّض لهجمات سيبرانية أو تشويش متقدّم.
التسريبات والانتشار التقني: نشر مواصفات دقيقة قد يُمكّن أطرافًا معادية من تطوير تدابير مضادة أو نسخ إقليمية.
خاتمة وتوصيات فنية للمتابع العسكري
راقب مراحل اختبارات النماذج (static tests, subscale penetration trials, platform carriage tests) لأنها ستكشف مدى قدرة NGP الحقيقية مقارنة بالـ MOP.
ركّز التحليل الاستخباراتي على قدرة الخصم على التعافي من ضربات ميدانية (مدى الضرر الفعلي في المواقع المستهدفة بعد عمليات يونيو 2025) لتقييم مدى فاعلية تخفيض الوزن مقابل الفعليّة الميدانية.
راقب تطورات دمج أنظمة الفيوز الذكية والـ guidance resilience؛ هذان العاملان هما من سيفصلان بين «قنبلة أثقل لكنها قديمة» و«قنبلة أخف وأكثر تأثيراً عمليًا».