لبنان

اقتراب ولادة الهيئة الناظمة للاتصالات في لبنان: إصلاحات مرتقبة وتحولات كبرى في القطاع

تشهد الساحة اللبنانية تطوّرات متسارعة في قطاع الاتصالات، مع اقتراب ولادة الهيئة الناظمة للاتصالات بعد سنوات من الجمود، في خطوة تُعدّ محورية على طريق إصلاح هذا القطاع الحيوي. وقد وضع وزير الاتصالات المهندس شارل الحاج الإطار العملي لتشكيل الهيئة، وسط توافق سياسي على تفعيل دورها، بما ينسجم مع خطاب قسم رئيس الجمهورية جوزيف عون، ومضامين البيان الوزاري، ويستجيب للشروط الدولية الداعية إلى تعزيز الشفافية وتفعيل أجهزة الرقابة، مقابل أي دعم خارجي للبنان.

وفي هذا الإطار، تسارعت الخطوات أيضاً على صعيد إنشاء شركة “ليبان تيليكوم” (Liban Telecom)، التي أُقر مرسوم تأسيسها استناداً إلى القانون 431، على أن يُعيَّن مجلس إدارتها بمرسوم صادر عن مجلس الوزراء. ويُرتقب أن تشكّل هذه الشركة محوراً مركزياً في إعادة هيكلة قطاع الاتصالات، خصوصاً أن القانون نصّ على نقل موظفي المديريات التشغيلية في الوزارة وموظفي “أوجيرو” إليها، مع الحفاظ على حقوقهم، بينما يُعاد هيكلة باقي الموظفين داخل الوزارة أو في إدارات أخرى. وقد عُلم أن المراجع القضائية المختصة في وزارة الاتصالات تعمل على تعديل طفيف في المادة 49 الخاصة بالموظفين، بحيث تأخذ في الاعتبار حقوقهم وفق سعر صرف الدولار المعمول به حالياً.

وفي خطوة إصلاحية غير مسبوقة منذ سنوات، أعلنت وزارة الاتصالات في 8 نيسان الماضي فتح باب الترشح لمناصب رئيس وأربعة أعضاء في الهيئة الناظمة، من خلال منصة إلكترونية بالتعاون مع وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية.

مهام الهيئة الناظمة

تضطلع الهيئة الناظمة للاتصالات، المنشأة بموجب القانون 431/2002، بدور أساسي في تنظيم قطاع الاتصالات من خلال إصدار الأنظمة، ومنح التراخيص، ومراقبة الأداء، وحماية المنافسة، ومنع الاحتكار. كما تُعنى بتطوير أنظمة الخدمات وفق أحدث المعايير التقنية والتنظيمية، وتشكيل لجان استشارية عند الحاجة، بالإضافة إلى إعداد تقرير سنوي يُرفع إلى مجلس الوزراء.

ومن شأن تعيين رئيس وأعضاء الهيئة الجديدة إعادة تفعيل هذا الجهاز الرقابي الذي جُمّد لسنوات، بعدما كان أول رئيس له الوزير الحالي الدكتور كمال شحادة.

ولحظة تسلّمه مهامه في وزارة الاتصالات، أعلن الوزير شارل الحاج أن خطته “واضحة وبسيطة وغير معقّدة”: تنفيذ القانون 431، لجهة إعادة الحياة إلى الهيئة الناظمة التي وُئدت سياسيًا فور ولادتها، واستكمال إنشاء شركة “ليبان تيليكوم” التي أُجهضت قبل أن تبصر النور.

وفي هذا الإطار، تؤكد مصادر وزير الاتصالات أن تنفيذ القانون 431 يعني إنهاء التشتّت في توزيع المسؤوليات وتعدّد المرجعيات، وهو ما نتج عنه فوضى في توزيع الإنترنت غير الشرعي، ونتائج غير مشروعة لبعض الجهات. كما يعني انتظام العمل في القطاع، وشفافيته، وإدارته بطريقة فعالة.

ولفتت المصادر إلى أن الوزير الحاج أبلغ المدير العام لـ”أوجيرو” عماد كريدية، الذي مُدّد له بعد بلوغه السن القانونية، بوجوب الاستفادة من مهلة الأشهر الثلاثة التي نصّ عليها عقد الاستخدام.

 

وأكدت الوزارة أن ما حصل لا يُعدّ إقالة، بل إجراءً قانونيًا روتينيًا لمدير بلغ السن القانونية، وتمّ التمديد له في السابق بسبب الظروف الاستثنائية التي كانت سائدة في البلاد.

 

بالتوازي، تم الإعلان عن استقالة المدير العام لهيئة “أوجيرو” من منصبه، ما يعني أن كريدية قد تقدّم باستقالته قبل انقضاء مهلة الأشهر الثلاثة التي منحها له وزير الاتصالات بفسخ عقد الاستخدام الموقع معه.

 

وكان كريدية قد تعاقد مع الدولة بموجب قرار صادر عن مجلس الوزراء في 11 تشرين الأول 2024، بعد بلوغه السن القانونية، نتيجة تعذّر تعيين مدير عام أصيل في ظل حكومة تصريف الأعمال. ونصّ العقد على أن مدة الاستخدام تنتهي في 11 تشرين الأول 2025 أو فور تعيين مدير عام جديد، وهو ما يبدو وشيكًا في ضوء المسار التنظيمي الجديد.

نحو مرحلة جديدة

تشكيل الهيئة الناظمة، ووضع شركة “ليبان تيليكوم” على نار حامية، واستقالة كريدية من “أوجيرو”، مؤشرات واضحة على بداية مرحلة انتقالية في قطاع الاتصالات اللبناني، تأمل الأوساط الرسمية والشعبية أن تتّسم بالشفافية، والمهنية، والحَوْكمة الرشيدة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى