ثرثرة تحت سقف المفاوضات النووية

بقلم تادي عواد
كالعادة، كلما وصلت المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة إلى طريق مسدود، تسارع طهران إلى تفعيل عملائها في الإقليم، مطلقةً حملة تهديد ووعيد لا تعبّر عن موقف دولة، بل عن عقلية عصابة مأزومة. الردود لا تصدر من العاصمة الإيرانية، بل تتردّد على ألسنة الأبواق في الضاحية الجنوبية لبيروت، التي لم يعد يربطها بلبنان سوى اسم الجغرافيا، بعدما ارتضت أن تتحوّل إلى خدم مأجورين في بلاط ولاية الفقيه.
ها هو نعيم قاسم، وبالتناغم المشبوه مع وفيق صفا، يخرج ليعلن بكل وقاحة رفض تسليم سلاح “حزب الله” إلى الدولة اللبنانية، وكأن هذا السلاح الكارثي قدرٌ إلهي لا يمكن الفكاك منه. سلاح دمّر الدولة، داس على الدستور، وأهان الجيش، ثم يأتون ليحدثونا عن “مقاومة”! تصريحاتهم الممجوجة ليست إلا إعادة بث رديئة لتعليمات تصدر من طهران، حيث تُدار غرف التخريب السياسي والأمني في لبنان والمنطقة.
تعثّر المفاوضات بين واشنطن وطهران لا يعكس سوى حقيقة واحدة: نظام الملالي لا يفهم إلا لغة القوة. لا وقت للمراوغة، ولا مكان للأوهام حول “ضمانات روسية” أو “ترتيبات إقليمية”. المطلوب واضح: تفكيك كامل ونهائي للبرنامج النووي، أو مواجهة عسكرية تحسم الملف بقبضة من نار وحديد.
وإلى أن يتحقق ذلك، تواصل طهران تسويق “ثرثرتها الاستراتيجية”، ويواصل أتباعها في لبنان لعب دور الأبواق المأجورة. لكن دعونا نكون واضحين: لا نعيم قاسم، ولا وفيق صفا، ولا أي من يدور في فلكهم، هم أصحاب قرار أو شركاء في السيادة. إنهم مجرّد وكلاء صغار ينفّذون أوامر نظام يتقن التخريب، ويفتقر إلى أدنى مقومات الشرعية الدولية.
في هذه اللحظة المفصلية، لم يعد مقبولًا التلطّي خلف شعارات المقاومة المزوّرة. ما يُسمّى “مقاومة” هو مشروع تدمير داخلي يخدم طهران لا بيروت، ويقود لبنان إلى العزلة، والخراب، والانهيار. والردّ الوحيد على هذا الانحراف الخطير هو المواجهة الشاملة: سياسيًا، إعلاميًا، واستعادة الدولة المختطفة من قبضة عصابة السلاح.