أسرار 13 نيسان من أرشيف المخابرات السورية: تفاصيل مخطط الاسد لتفجير الحرب الأهلية

في الذكرى الخمسين لحادثة بوسطة عين الرمانة التي أشعلت الحرب الأهلية في لبنان، يكشف الدكتور ألفرد رياشي تفاصيل ذلك النهار المشؤوم، وكيف خطّط نظام حافظ الأسد لإشعال الحرب بعد الاستحواذ على ملفات المخابرات السورية إثر سقوط النظام، وتحليل مضمونها.
في التفاصيل:
في 6 آذار 1975، وخلال تظاهرة نظّمها صيادو الأسماك انطلقت من مرفأ صيدا باتجاه ساحة رياض الصلح، وكان يرافقها النائبان معروف سعد ونزيه البزري، وصلت التظاهرة إلى مبنى البلدية، وهناك تم اغتيال النائب معروف سعد. وقد تبيّن لاحقًا أن منفذ عملية الاغتيال هو عنصر من المخابرات السورية يتبع لتنظيم “الصاعقة” المدعوم من نظام الأسد، إلا أن أصابع الاتهام وُجّهت آنذاك إلى أجهزة الأمن اللبنانية.
بعد أشهر قليلة، وتحديدًا في 13 نيسان من العام نفسه، وأثناء تدشين كنيسة سيدة الخلاص للروم الملكيين الكاثوليك في منطقة عين الرمانة، وصلت سيارة “فيات” حمراء في تمام الساعة 10:40 صباحًا، وكانت تحمل لوحات مغطاة بأوراق تحمل شعارات فلسطينية، ويستقلها أربعة مسلحين هم: الفلسطينيون سعد ناصر، حسن أبو الغوش، طارق العنبتاوي، إضافة إلى السوري سعيد الحسن، وجميعهم منتمون إلى “جيش التحرير الفلسطيني” المدعوم من النظام السوري.
تجاوزت السيارة حاجز الدرك الذي أُقيم إثر إشكال سابق صباحًا حين مرت سيارة “فولكسفاغن” كان بداخلها شاب لبناني يُدعى منتصر أحمد ناصر، وهو عنصر في تنظيم فلسطيني يُدعى “جبهة التحرير العربية”، وقد أُصيب في كتفه.
بدأ المسلحون بإطلاق النار عشوائيًا على المدنيين المتجمعين عند مدخل الكنيسة، ما أدى إلى مقتل كل من: جوزف أبو عاصي، أنطوان ميشال الحسيني، ديب يوسف عساف، وإبراهيم حنا أبو خاطر، إضافة إلى إصابة سبعة آخرين بجروح. كما قُتل من مطلقي النار حسن أبو الغوش، وجُرح كل من العنتباوي وناصر، ونُقلوا إلى مستشفى القدس.
لاحقًا، عند الساعة 12:30 ظهرًا، وأثناء توجه عدد من الباصات من مخيم صبرا للمشاركة في احتفال تأبيني عبر بولفار كميل شمعون – الحدث، وبسبب الزحمة، توجّه شخصان على دراجة نارية، أحدهما هو الملازم في المخابرات السورية آنذاك، جامع جامع، فصعد إلى الباص رقم 29 الذي كان متأخرًا عن باقي القافلة، ونصحه بتغيير وجهته عبر طريق عين الرمانة، مرورًا بموقع الكنيسة.
سلك الباص هذا الطريق، بينما كان شباب المنطقة في حالة استنفار شديد بعد الحادث الصباحي، وسط إشاعات عن مقتل الشيخ بيار الجميل، ومخاوف من هجوم فلسطيني على المنطقة. وعند رؤيتهم للبوسطة التي وُجد فيها مسلحون، فتحوا عليها النار بكثافة، ما أدى إلى مقتل 27 راكبًا، ولم ينجُ سوى 3، من بينهم سائق البوسطة اللبناني مصطفى حسين… واندلعت الحرب اللبنانية.
إذاً، ومن خلال هذا التسلسل للأحداث، يتضح أنه بعد سقوط النظام السوري والاستحواذ على أرشيف المخابرات وتحليله، تبيّن دور النظام الإجرامي في إشعال فتيل الحرب اللبنانية، التي كلّفت لبنان آلاف القتلى وخسائر اقتصادية هائلة لا نزال ندفع ثمنها حتى اليوم.