لبنان

مؤسسة القرض الحسن على شفير الإفلاس؟

بقلم تادي عواد –

تشهد المناطق اللبنانية، خصوصًا الجنوبية ذات الغالبية الشيعية (معقل حزب الله)، تدميرًا جزئيًا للبنية التحتية، ونزوحًا سكانيًا واسعًا، وانهيارًا متزايدًا في النشاط الاقتصادي نتيجة المواجهات مع إسرائيل. تأتي هذه التطورات في ظل أزمة اقتصادية خانقة، حيث شهدت الليرة اللبنانية انهيارًا حادًا، وبلغ التضخم مستويات قياسية تفوق 900% منذ عام 2019.

استهداف المؤسسة وخسائرها

في أكتوبر 2024، استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية نحو 15 فرعًا لمؤسسة القرض الحسن في مناطق مختلفة، لا سيما في الضاحية الجنوبية لبيروت. أدى هذا الاستهداف إلى أضرار جسيمة في البنية التحتية للمؤسسة، مما أثار تساؤلات حول مدى تأثير ذلك على وضعها المالي.

وفي يناير 2025، أعلنت المؤسسة تعليق دفع التعويضات الخاصة بإيواء النازحين وترميم المنازل المتضررة جزئيًا حتى 10 فبراير 2025، مبررة القرار بـ”أسباب تقنية”. إلا أن تقارير إعلامية أفادت بأن التعليق ناتج عن نقص السيولة بسبب الخسائر الناجمة عن القصف الإسرائيلي.

تأثيرات الحرب على مؤسسة القرض الحسن

أ. زيادة الطلب على خدماتها

مع تصاعد المواجهات، ازدادت الحاجة إلى القروض الطارئة لتغطية نفقات السكن المؤقت، والعلاج الطبي، وشراء المواد الغذائية، مما شكل ضغطًا إضافيًا على موارد المؤسسة.

ووفقًا لتقارير محلية (غير رسمية)، ارتفعت طلبات القروض بنسبة تتراوح بين 30-40% في بعض المناطق المتضررة منذ بدء المواجهات.

ب. مؤشرات ضعف السيولة

تراجع التمويل الخارجي: العقوبات المفروضة على حزب الله وشبكاته المالية، لا سيما مع تقييد الدعم الإيراني، حدّت من تدفق الأموال عبر القنوات الرسمية.

نقص العملة الصعبة: تفاقم أزمة الدولار في لبنان أعاق قدرة المؤسسة على تقديم قروض بالدولار، وهو ما كان يُستخدم سابقًا لتعزيز الثقة في ظل انهيار الليرة اللبنانية.

انخفاض تحويلات المغتربين: تشير التقارير إلى تراجع تحويلات المغتربين الشيعة، الذين يُعتبرون مصدرًا رئيسيًا للتمويل، بسبب الركود الاقتصادي العالمي والخوف من العقوبات.

ج. ارتفاع مخاطر عدم السداد

مع تدهور الظروف المعيشية، ارتفعت نسبة العجز عن سداد القروض، لا سيما بين العائلات التي فقدت مصادر دخلها.

ورغم عدم توفر بيانات رسمية، تشير تقديرات مركز “الدراسات الاستراتيجية” في بيروت إلى أن نسبة السداد انخفضت إلى أقل من 60% مقارنة بالفترات السابقة.

آليات التكيف والاستمرار

في ظل الضغوط المتزايدة، لجأت المؤسسة إلى عدة استراتيجيات لضمان استمراريتها، أبرزها:

التحول إلى تمويل المشاريع الإنتاجية: تركيز القروض على المشاريع الصغيرة (الزراعية والصناعية المنزلية) في المناطق الريفية، لضمان استدامة العائدات.

التعامل بالليرة اللبنانية: زيادة القروض بالليرة بدلًا من الدولار، رغم مخاطر التضخم وفقدان الثقة بالعملة المحلية.

الدعم الإيراني غير المباشر: يُعتقد أن إيران تواصل دعم المؤسسة عبر قنوات سرية مثل الجمعيات الخيرية الموالية، إلا أن هذا الدعم يبدو غير كافٍ لتعويض العجز المالي المتزايد.

التحديات المستقبلية

مزيد من العقوبات الدولية: هناك تحركات غربية لتوسيع العقوبات على الداعمين الماليين للمؤسسة في لبنان وأفريقيا، مما قد يؤدي إلى مزيد من العزلة المالية.

اهتزاز الثقة الشعبية: في حال استمرار تراجع قدرة المؤسسة على تلبية الطلبات، قد تفقد دورها كشبكة أمان اقتصادي، مما قد يُضعف نفوذ حزب الله في الأوساط الشعبية.

الخلاصة

رغم عدم توفر بيانات رسمية دقيقة، تشير الأدلة إلى أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة فاقمت الأزمة المالية لمؤسسة القرض الحسن عبر:

زيادة الضغط على السيولة نتيجة ارتفاع طلبات القروض الطارئة.

تراجع معدلات السداد بسبب تدهور الأوضاع المعيشية.

تقلص خيارات التمويل مع تشديد العقوبات وانخفاض التحويلات الخارجية.

ورغم محاولات المؤسسة التكيف عبر آليات بديلة، فإنها قد تواجه خطر الانهيار والإفلاس إذا تفاقمت الأزمة الاقتصادية واستمر نقص السيولة بالدولار، مما قد يُحدث تحولات كبرى في دورها داخل المنظومة المالية والاجتماعية لحزب الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى