الاستراتيجية الدفاعية بين شرعية الدولة والعصابات المسلحة
بقلم تادي عواد –
إن الحديث عن استراتيجية دفاعية في أي بلد لا يمكن أن ينفصل عن مفهوم الدولة ذات السيادة، التي تستمد شرعيتها من مؤسساتها الوطنية، وعلى رأسها الجيش الوطني. الدولة هي التي ترسم الخطط الدفاعية، وتحدد أولويات الأمن القومي، وتتخذ القرارات المصيرية. أما أن تُترك هذه المسؤولية لمجموعات مسلحة تعمل تحت مسمى “المقاومة” وشعارات طنانة، فهذا ليس فقط انتهاكاً لسيادة الدولة، بل هو أيضاً خيانة لمفهوم الوطن.
حركات المقاومة: وظيفتها المؤقتة ومحدودية شرعيتها
حركات المقاومة عبر التاريخ كانت دائماً ردة فعل مؤقتة على غياب الدولة أو سقوطها بسبب الاحتلال. لكنها ليست بديلاً عن الدولة ولا يمكنها أن تستمر بعد عودة مؤسسات الدولة للعمل. استمرار وجود المقاومة بعد قيام الدولة هو انقلاب صريح على شرعية النظام، ويدفع البلاد إلى دوامة من الفوضى والانقسامات.
كيف يمكن لحركة أن تدّعي المقاومة وتستمر في الاحتفاظ بسلاحها بينما الجيش الوطني قائم وموجود؟ بل كيف يمكن لهذه المقاومة أن تشارك في الحكم، وتتمتع بمزايا السلطة، وتحتفظ في الوقت نفسه بسلاحها؟ هذا التناقض الفاضح هو قمة النفاق السياسي الذي يضرب عرض الحائط بمفهوم السيادة والشرعية.
ازدواجية السلطة: مخطط لتدمير الدولة
إن الجمع بين دور “المقاومة” والسلطة هو أكبر جريمة تُرتكب بحق أي دولة. وجود سلاح خارج إطار الدولة يعني عملياً وجود دولة داخل الدولة. هذه الميليشيات تتحول من “حركة مقاومة” إلى عصابة تخدم أجندات خارجية، وتستغل موارد البلاد لتحقيق مكاسبها الخاصة.
الحديث عن استراتيجية دفاعية تقررها عصابة مسلحة هو إهانة لكل مواطن شريف. هذه العصابات لا تبحث عن مصلحة الوطن، بل تسعى لتعزيز نفوذها والسيطرة على القرار السياسي والعسكري للدولة. إنها تضع مصالحها الفئوية فوق مصلحة الوطن، وتجر البلاد إلى مستنقع الحروب والتدخلات الخارجية.
خيانة باسم المقاومة
عندما تحتفظ جماعة ما بسلاحها وتزعم أنها تفعل ذلك لحماية الوطن، بينما تتجاهل وجود الدولة ومؤسساتها، فهي في الواقع تخون الوطن. هذه الخيانة تتجلى في استخدام السلاح لترهيب المواطنين، وفرض أجندات سياسية معينة، والتلاعب بمصير البلاد. ما يُسمى بـ”المقاومة” يصبح مجرد غطاء لإخفاء نوايا السيطرة والنفوذ، بينما المواطن يدفع الثمن من أمنه واستقراره.
الخاتمة: الدولة أو الفوضى، الخيار واضح
لا يمكن لأي بلد أن ينهض في ظل وجود ميليشيات مسلحة تتصرف وكأنها فوق القانون. الاستراتيجية الدفاعية هي حق حصري للجيش الوطني، وأي محاولة لسلب هذا الحق هي عمل عدائي ضد الوطن. الخيار واضح: إما دولة قوية يحكمها القانون، أو فوضى تقودها العصابات. وعلى كل مواطن شريف أن يدرك أن الولاء للوطن يعني الوقوف خلف الدولة ومؤسساتها، ورفض أي كيان يسعى لتقويض هذا الولاء تحت أي ذريعة.