هل ينقذ ماكرون “منظومة” السلطة الفاسدة من جديد؟
بقلم تادي عواد –
بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، شهد لبنان زيارة لافتة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي سعى حينها إلى استعادة الاستقرار الداخلي عبر مبادرة سياسية تهدف إلى دعم تشكيل حكومة إصلاحية قادرة على تجاوز الأزمة. لكن وفق العديد من التحليلات، لم ينجح ماكرون في تجاوز مصالح المنظومة الحاكمة، التي استفادت من الدعم الدولي لإعادة فرض سيطرتها على المشهد السياسي، ما أدى إلى امتصاص نقمة الشارع اللبناني وإجهاض الحراك الشعبي المطالب بالتغيير الجذري.
الدعم الفرنسي واستمرارية المنظومة
رغم التصريحات العلنية التي شددت على ضرورة الإصلاح ومكافحة الفساد، يرى البعض أن المبادرات الفرنسية لم تتعدَّ كونها تعزيزاً للمنظومة السياسية التقليدية التي تحكم البلاد منذ عقود. هذه المنظومة، المؤلفة من تحالفات قوى داخلية تشمل أحزاباً بارزة مثل حزب الله وحلفائه، نجحت في تحويل الدعم الدولي إلى أداة لتثبيت نفوذها.
اليوم، ومع انتخاب قائد الجيش اللبناني جوزيف عون رئيساً للجمهورية، تتزايد الأحاديث عن زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي. وتشير التقارير إلى أن الزيارة قد تهدف إلى إعادة تعويم حلفاء فرنسا التقليديين في لبنان، ومن بينهم نجيب ميقاتي وأركان السلطة المتحالفة مع حزب الله. ويرى بعض المراقبين أن فرنسا لا تزال تراهن على هذه القوى للحفاظ على نفوذها الإقليمي، في ظل غياب بدائل قادرة على تحقيق استقرار حقيقي.
من جهة أخرى، يتوقع أن تواجه زيارة ماكرون رفضاً شعبياً واسعاً، خاصة أن الشارع اللبناني بات يدرك أن أي دعم خارجي لا يستهدف التغيير الجذري سيؤدي إلى استمرار المنظومة الفاسدة التي أفقرت البلاد على مدى العقود الثلاثة الماضية. فالحديث عن الإصلاح دون مسار فعلي لتغيير الطبقة السياسية قد يفاقم الأزمة بدل حلها.