قطاع الكهرباء في لبنان: التحديات والحلول المقترحة
يُعد قطاع الكهرباء في لبنان أحد أبرز التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلاد منذ انتهاء الحرب الأهلية في التسعينيات. فقد استمرت معاناة المواطنين نتيجة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي وارتفاع التكاليف، وهو ما يعود إلى أسباب متعددة تشمل ضعف البنية التحتية، الفساد الإداري، والهدر في الموارد.
الوضع الحالي لقطاع الكهرباء
1. إنتاج الطاقة
القدرة الإنتاجية الحالية غير كافية لتغطية الطلب المحلي.
الاعتماد على محطات قديمة تعمل بالوقود الأحفوري مع غياب محطات طاقة حديثة.
2. نظام التوزيع
شبكة توزيع متقادمة تتسبب في خسائر كبيرة أثناء نقل وتوزيع الطاقة.
الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي نتيجة الأعطال الفنية المستمرة.
3. الفساد وسوء الإدارة
صفقات مشبوهة في عقود استيراد الوقود وصيانة المحطات.
ضعف الجباية يُعد أحد الأسباب الرئيسية لأزمة الكهرباء في لبنان، حيث يعجز النظام الحالي عن تحصيل الفواتير من شرائح كبيرة من المواطنين.
غياب الشفافية والمحاسبة في إدارة القطاع.
الحلول المقترحة:
تخصيص قطاع الإنتاج والصيانة في شركة كهرباء لبنان مع الاحتفاظ بملكية شبكة النقل ومنح البلديات سلطة الجباية هو أحد الحلول العملية لمعالجة أزمة الكهرباء المزمنة في لبنان. فوائد هذا الحل المقترح يمكن تلخيصها كالتالي:
1. تحسين الكفاءة التشغيلية
تخصيص قطاع الإنتاج والصيانة يعني إدخال شركات خاصة لديها خبرة في إدارة وتشغيل محطات الكهرباء بكفاءة أعلى، مما يقلل من الهدر ويضمن استمرارية الإنتاج وجودة الصيانة.
يمكن للشركات الخاصة تقديم خدمات حديثة ومبتكرة والاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة لتحسين الأداء.
2. تخفيف العبء المالي على الدولة
خصخصة الإنتاج والصيانة تقلل من الأعباء المالية التي تتحملها الدولة لدعم هذا القطاع.
الدولة يمكنها تركيز استثماراتها على تطوير شبكة النقل والبنية التحتية.
3. ضمان استمرارية نقل الطاقة
الاحتفاظ بملكية شبكة النقل يضمن بقاء التحكم الاستراتيجي في يد الدولة وعدم تعريض الأمن الطاقوي لمخاطر سيطرة القطاع الخاص.
هذا يضمن أيضًا أن يتم نقل الطاقة بشكل عادل إلى مختلف المناطق دون تمييز.
4. تحسين الجباية وتقليل الهدر المالي
منح البلديات سلطة الجباية يعزز من كفاءة تحصيل الفواتير، حيث تكون البلديات أكثر دراية بالوضع المحلي وقادرة على التعامل مع المشتركين بشكل أفضل.
هذا الحل يمكن أن يحد من ظاهرة التعديات على الشبكة ويسهم في تقليل الخسائر الناتجة عن عدم دفع الفواتير.
5. زيادة الاستثمارات في القطاع
فتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار في إنتاج الكهرباء وصيانته يشجع على ضخ رؤوس أموال جديدة، مما يساهم في بناء محطات طاقة جديدة وتحسين البنية التحتية.
هذه الاستثمارات يمكن أن تساعد في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة وتخفيف العجز المزمن في الكهرباء.
6. تعزيز الشفافية والمساءلة
من خلال تقسيم المسؤوليات بين شركات خاصة (للإنتاج والصيانة) والبلديات (للجباية)، تصبح هناك رقابة متبادلة وآليات أفضل للشفافية والمساءلة.
أي خلل في الأداء سيكون واضحاً ويمكن محاسبة الأطراف المعنية بسهولة أكبر.
7. خلق فرص عمل محلية
دخول شركات جديدة إلى القطاع يمكن أن يخلق فرص عمل في مجالات الإنتاج، الصيانة، والخدمات المرتبطة بالكهرباء.
البلديات، من جهتها، ستحتاج إلى كوادر محلية لإدارة عمليات الجباية.
التحديات:
لضمان نجاح هذا الحل، ينبغي وضع ضوابط صارمة وتنظيم قانوني فعال يضمن حقوق المستهلكين وعدم استغلالهم.
ضرورة تطوير شبكة النقل لتكون قادرة على استيعاب إنتاج الشركات الخاصة بشكل مستدام.
القسم الاول من الخطة خطة: تخصيص قطاع الإنتاج والصيانة في كهرباء لبنان
الهدف العام:
تحقيق كفاءة أكبر في إنتاج الطاقة الكهربائية وصيانتها، وتقليل الأعباء المالية على الدولة من خلال إشراك القطاع الخاص وزيادة التنافسية.
أولاً: تشخيص الوضع الحالي
1. الإنتاج:
اعتماد كبير على محطات قديمة تعمل بفعالية منخفضة وتكلفة تشغيل عالية.
انقطاعات متكررة في الخدمة بسبب الأعطال وضعف الصيانة.
2. الصيانة:
نقص في الموارد المادية والبشرية المخصصة للصيانة.
غياب الخطط الوقائية المنظمة للصيانة، مما يؤدي إلى زيادة الأعطال الطارئة.
3. التحديات:
عجز مالي متزايد في المؤسسة.
ديون كبيرة نتيجة الدعم المستمر للطاقة دون تحسين البنية التحتية.
الإطار القانوني والتنظيمي
1. إصدار قوانين تتيح التخصيص التدريجي لقطاع الإنتاج والصيانة وفق أطر قانونية واضحة.
2. إنشاء هيئة تنظيمية مستقلة للإشراف على القطاع ومراقبة أداء الشركات الخاصة، وضمان التزامها بمعايير الجودة وتقديم الخدمة.
3. وضع آليات تسعير شفافة للطاقة المنتجة، مع مراعاة حماية الفئات الأقل دخلًا.
مراحل تنفيذ التخصيص
المرحلة الأولى: التحضير والتقييم (6-12 شهرًا)
1. تقييم الأصول: جرد محطات الإنتاج والبنية التحتية الحالية وتحديد قيمتها السوقية.
2. إعادة هيكلة المؤسسة: فصل قطاع الإنتاج والصيانة عن باقي القطاعات.
3. اختيار نموذج التخصيص: تحديد ما إذا كان التخصيص سيكون عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) أو بيع الأصول بشكل كامل.
المرحلة الثانية: طرح المناقصات وتوقيع العقود (12-18 شهرًا)
1. طرح مناقصات شفافة للشركات الخاصة وفق معايير فنية ومالية واضحة.
2. إبرام عقود طويلة الأجل مع الشركات الفائزة، تشمل التزامات بتحقيق نسب محددة من التوافر والجودة.
3. توفير حوافز استثمارية للشركات الخاصة، مثل الإعفاءات الضريبية الجزئية.
المرحلة الثالثة: الانتقال والإشراف (18-36 شهرًا)
1. بدء تشغيل الشركات الخاصة لمحطات الإنتاج والصيانة.
2. مراقبة الأداء من قبل الهيئة التنظيمية المستقلة لضمان التزام الشركات بالمعايير.
3. تقييم دوري للأداء ومدى تحقيق الأهداف.
آليات التمويل
1. الاستثمار الخاص: توفير الفرصة لشركات محلية ودولية للاستثمار في القطاع.
2. الشراكة مع مؤسسات تمويل دولية: مثل البنك الدولي لدعم مشاريع تطوير البنية التحتية.
3. إعادة استثمار الأرباح: في تحسين شبكات النقل والتوزيع.
القسم الثاني من الخطة: منح البلديات سلطة الجباية
هدف المقترح:
تفويض البلديات بسلطة جباية الفواتير ضمن نطاقها الجغرافي مقابل نسبة من الإيرادات، وفق مبدأ اللامركزية الإدارية لتحسين الكفاءة وزيادة الإيرادات.
المزايا المتوقعة
1. زيادة نسبة الجباية:
تحسين عملية التحصيل بفضل قرب البلديات من المواطنين.
2. تعزيز الإيرادات المحلية:
استخدام جزء من الإيرادات لتحسين الخدمات العامة.
3. تخفيف العبء عن الدولة:
تقليل الاعتماد على الدعم الحكومي.
4. الحد من التهرب:
مراقبة فعّالة للتهرب بفضل التواصل المباشر مع السكان.
خطة التنفيذ التفصيلية
المرحلة الأولى: الإطار القانوني والتنظيمي
1. إصدار قانون جديد: تعديل القوانين الحالية لمنح البلديات صلاحية الجباية.
2. توقيع عقود مع البلديات: تحديد الحصة المقطوعة ونسبة الإيرادات المحولة لشركة كهرباء لبنان.
3. إنشاء هيئة رقابية مستقلة: تكليف هيئة مستقلة بمراقبة أداء البلديات وضمان الشفافية.
المرحلة الثانية: تجهيز البنية التحتية التقنية
1. أنظمة الجباية: تطوير نظام إلكتروني مركزي لإصدار الفواتير ومتابعة الدفع.
2. التدريب والدعم الفني: تدريب كوادر البلديات وتوفير الدعم الفني المستمر.
دراسة الجدوى الاقتصادية
التكاليف المتوقعة
1. تطوير النظام الإلكتروني: 5-7 ملايين دولار.
2. التدريب والدعم الفني: 1-2 مليون دولار.
3. إنشاء الهيئة الرقابية: 1 مليون دولار سنويًا.
الإيرادات المتوقعة
زيادة نسبة التحصيل بنسبة 30% إلى 50% خلال السنة الأولى.
خفض العجز المالي لشركة كهرباء لبنان بمقدار يتراوح بين 500 و700 مليون دولار سنويًا.
الفوائد المتوقعة
1. اقتصادية: تقليل الدعم الحكومي وزيادة الإيرادات العامة.
2. اجتماعية: تحسين جودة الكهرباء بفضل زيادة الإنفاق على الصيانة والتحديث.
3. إدارية: تعزيز كفاءة البلديات في تقديم الخدمات العامة.
يمثل هذا المقترح خطوة عملية نحو حل أزمة الكهرباء المزمنة في لبنان، من خلال توزيع الأدوار والمسؤوليات بين الدولة والبلديات بشكل أكثر كفاءة وشفافية. وفي حال تنفيذ الخطة بالشكل المطلوب، ستُسهم في تقليل الأعباء المالية على الدولة، تحسين جودة الكهرباء، وتعزيز ثقة المواطن بالدولة.