لعنة المقاومة: دروس لم يتعلمها اللبنانيون
بقلم تادي عواد
لم يكن لبنان يومًا بمنأى عن الصراعات الإقليمية والتجاذبات الدولية، لكنه غالبًا ما دفع أثمانًا باهظة نتيجة أخطاء تاريخية تكررت ولم يستفد البعض من دروسها. من أبرز هذه الأخطاء، السماح في السبعينيات للفصائل الفلسطينية بإقامة قواعد عسكرية في لبنان تحت شعار “مقاومة إسرائيل”. تلك القواعد، التي عُرفت باسم “فتح لاند”، كانت بداية سلسلة من الكوارث، من الحرب الأهلية المدمرة إلى الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، وانتهاءً بعقود من التدهور والخراب.
التاريخ يعيد نفسه… ولكن بوجه جديد
ورغم تلك الدروس المريرة، يبدو أن لبنان لم ينجُ من تكرار أخطائه. حزب الله، الذي انطلق في البداية كحركة مقاومة للاحتلال الإسرائيلي، تحول بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان إلى لاعب إقليمي يخدم أجندات خارجية. باسم “المقاومة”، أُدخل البلد مجددًا في حروب وصراعات، يدفع ثمنها الشعب اللبناني وحده. كل مغامرة عسكرية يخوضها الحزب تترك وراءها دمارًا شاملًا، انهيار اقتصادي، عزلة دولية، وخسائر بشرية فادحة تُثقل كاهل اللبنانيين بأعباء إضافية على حساب أمنهم واستقرارهم ومستقبلهم.
أداة لتدمير الذات وعزل لبنان
الحقيقة هي أن ما يُطلق عليه “المقاومة” لم يكن يومًا مشروعًا وطنيًا، بل تحوّل إلى أداة للتدخل في شؤون دول عربية أخرى، كما حدث في الحرب الأهلية السورية وحربي العراق واليمن. هذه التدخلات أسهمت في عزلة لبنان عن محيطه العربي والدولي، وأدت إلى تدهور اقتصادي حاد زاد من معاناة شعبه. في حين أن اللبنانيين، الذين يحلمون بدولة ذات سيادة وازدهار، يجدون أنفسهم رهائن لقرارات قوى تتجاوز حدود وطنهم.
سيادة لبنان أولًا وأخيرًا
آن الأوان للبنانيين أن يستفيدوا من دروس التاريخ، وأن يدركوا أن المقاومة لا تكون شرعية إلا عند غياب الدولة، على أن يكون هدفها الوحيد حماية الوطن وحدوده. وما عدا ذلك، فإن حمل السلاح خارج إطار الدولة لن يؤدي إلا إلى استمرار الانهيار. لا مستقبل للبنان إلا بدولة سيادية، تتخذ من أمنها واستقرارها أولوية قصوى، بعيدًا عن أي مصالح أو أجندات خارجية.