كيف تقوم روسيا وإيران بنهب ثروات سوريا؟
بينما كانت الأنظار مشغولة بالحرب السورية وآثارها الإنسانية المدمرة، كان خلف الستار يتشكل نوع آخر من الاحتلال، يتسم بالنهب المنظم للثروات الطبيعية والاقتصادية في سوريا. في هذا المقال، نستعرض المعلومات الموثقة التي تكشف كيف تقاسم كل من روسيا وإيران ثروات سوريا، بدءًا من النفط والغاز وصولًا إلى الفوسفات والزراعة، وكيف نجحا في توظيف الوضع السوري لصالحهما، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الجيوسياسي.
الاحتلال الاقتصادي:
في الوقت الذي كان فيه المجتمع الدولي يراقب تداعيات الحرب والنزوح، استغلت كل من روسيا وإيران الفوضى في سوريا لتحقيق مكاسب اقتصادية ضخمة. روسيا تركّزت على الحصول على عقود لاحتكار النفط والغاز والفوسفات، بينما استولت إيران على الزراعة، العقارات، والمناطق الحدودية، مما جعل من سوريا ساحة لتصفية الحسابات الاقتصادية بين القوى الكبرى.
العقد الروسي الحصري:
تمكنت روسيا من فرض عقد استغلال حصري لثلث الأراضي السورية عبر شركاتها، التي حصلت على حق استخراج النفط والغاز من مناطق استراتيجية، بما في ذلك تلك التي تقع في عمق الأراضي السورية الغنية بالموارد الطبيعية. لم يتوقف الأمر عند ذلك؛ فقد تم منح روسيا حق الانتفاع الحصري بهذه المناطق لفترات طويلة، في مقابل دعم عسكري وسياسي للنظام السوري. في المقابل، تم تجاهل المطامع الإيرانية في مناطق أخرى، حيث لم يلقى اعتراض من موسكو على توسعها في مجالات أخرى من الاقتصاد السوري.
مثال على نهب الفوسفات:
واحدة من أبرز الأمثلة على نهب ثروات سوريا من قبل روسيا تتعلق بالفوسفات. إذ تسيطر روسيا على مناجم خنيفيس القريبة من مدينة تدمر، التي تعد أحد أكبر احتياطيات الفوسفات في العالم. وفقًا للعقد المبرم بين روسيا والنظام السوري، تحصل موسكو على 70% من العائدات الناتجة عن استخراج الفوسفات، بينما لا تتجاوز حصة سوريا 30%، في حين أن البلاد تمتلك ثالث أكبر احتياطي من هذه المادة الحيوية عالميًا.
إيران تستغل ضعف سوريا:
من جانبها، لم تفوت إيران الفرصة للاستفادة من ضعف النظام السوري. استولت على الأراضي الزراعية في دير الزور والبوكمال، واستحوذت على عقود ضخمة لتطوير مصانع تعمل في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وهو ما كانت تروج له على أنه دعم للأراضي السورية المحررة. لكن في الحقيقة، كانت هذه المشاريع الاقتصادية مجرد ستار لتمدد إيران في الاقتصاد المحلي وسعيها إلى السيطرة على القطاعات الاستراتيجية. كما استثمرت إيران بشكل مكثف في مجال العقارات في كل من دمشق وحلب، مما ساعد في ترسيخ حضورها في المناطق الاقتصادية الحيوية.
هذه الحقائق تؤكد أن الحرب في سوريا ليست مجرد صراع داخلي على السلطة، بل هي احتلال اقتصادي ممنهج تُنفذ فيه أهداف استراتيجية بعيدة المدى تحت غطاء “الدعم العسكري”. بينما يستمر الشعب السوري في معاناته، تتقاسم روسيا وإيران ثروات البلاد التي كانت في يوم من الأيام تشكل أساسًا للاقتصاد السوري المستقل.