مليارات حزب الله من إيران إلى كولومبيا، ولبنان وفرنسا الجزء الثالث والأخير
مجلة لوبوان – العدد 2698 – ترجمة صوفي شماس
تهديد إرهابي
لا تقتصر أنشطة حزب الله في أميركا اللاتينية على الاتجار بالمخدرات. فالتهديد الإرهابي حقيقي جدا. في تشرين الثاني 2021، أحبطت كولومبيا هجوما محتملا ضد مواطنين إسرائيليين في بوغوتا. وقد استهدف هذا الهجوم ثلاثة رجال أعمال، وتم تجنيد القتلة في السجن من قبل عميل إيراني مقرب من الحرس الثوري.
وفي البرازيل، أعلنت السلطات في تشرين الثاني الماضي أنها أحبطت بالتعاون مع الموساد تحضيرات لهجمات إرهابية. وأوضحت المخابرات الإسرائيلية من جهتها أن العملية من تخطيط حزب الله، وبتوجيه وتمويل من النظام الإيراني. تم القبض على ثلاثة رجال يُشتبه في أنهم أرادوا مهاجمة معبد يهودي ومقبرة يهودية في برازيليا. ويُقال إن اللبناني البرازيلي محمد خير عبد المجيد، الذي يُشتبه بأنه مسؤول عن التجنيد، قد هرب إلى لبنان.
انتحار أم اغتيال سياسي؟
منذ تأسيسه في الثمانينيات، وسّع حزب الله تهديده الإرهابي إلى أميركا اللاتينية. وفي العام 1992، بعد أشهر قليلة على اغتيال إسرائيل لزعيم الحركة الشيعية آنذاك عباس الموسوي، أدى هجوم انتحاري أمام سفارة الدولة اليهودية في بوينس آيرس إلى مقتل 29 شخصا. وبعد ذلك بعامين، تم استهداف الجمعية التعاونية الأرجنتينية الإسرائيلية. خلّف الهجوم 85 قتيلا وقد أقرّت المحكمة العليا الأرجنتينية في 11 نيسان، بمسؤولية إيران في التخطيط للهجوم ومسؤولية حزب الله في تنفيذه.
لفترة طويلة، كانت الصلاحيات المتعاقبة للرئيسين منعم – من أصل سوري – وكيرشنر، محل شك في أنها أعاقت عمل المدّعي العام ألبرتو نيسمان، رئيس فريق المحققين في الهجوم على الجمعية الأرجنتينية الإسرائيلية المشتركة، والذي اتهم في العام 2014 كريستينا كيرشنر بـ”الرغبة في تبرئة إيران”. وفي العام 2015، عُثر عليه ميتاً في منزله، ومصابا برصاصة في الرأس، عشية جلسة استماع حاسمة أمام لجنة التحقيق البرلمانية. انتحار أم اغتيال سياسي؟ سيبقى هذا الأمر لغزا. لكن ما يظهر اليوم في الاتهام الذي وجهته الإدارة الأميركية هو تورط عامر محمد عقيل رضا – “بائع الفحم” من بارانكويلا – في هجمات بوينس آيرس، والذي تم وضعه على القائمة السوداء مؤخرا. وجاء في البيان: “إضافة إلى دوره كمدير أول، كان أحد الأعضاء التنفيذيين في العام 1994.” ويُشتبه أن رضا هو من سلّم الصواعق للمفجّر الانتحاري.
إسرائيل في حالة تأهب
سلط هجوم حماس في 7 تشرين الأول 2023 ومن ثم الحرب في غزة الضوء على الخلايا النائمة للحزب اللبناني، ووُضعت إسرائيل في حالة تأهب، خاصة وأن طيرانها دمّر مقر القنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من نيسان الماضي، مما أدى إلى مقتل سبعة أشخاص، بينهم اثنان من قادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي.
يخشى أن تكون هناك ردود فعل انتقامية من إيران وحزب الله. فكولومبيا، التي اعترفت بحزب الله كميليشيا إرهابية، انتخبت في العام 2022 رئيسًا، غوستافو بيترو، يساري راديكالي ومتمرد سابق، تبنى قضية الفلسطينيين، ورفض إدانة حماس وقارن العمليات الإسرائيلية في غزة بعمليات ألمانيا النازية، وعلّق اتفاقيات التعاون العسكري بين البلدين. وفي نهاية شهر آذار، هدد بترو بقطع العلاقات الثنائية والانضمام إلى جنوب إفريقيا في شكواها بشأن “الإبادة الجماعية” أمام محكمة العدل الدولية.
حامت الشكوك حول مسجد مارلون كانتيلو الصغير، وهو عبارة عن غرفة للصلاة تقع في إحدى ضواحي أحياء العاصمة. مركز أهل البيت الإسلامي، ذو الطاعة الشيعية، أسسه كانتيلو، وهو كولومبي من بارانكويلا اعتنق الإسلام وتخرّج في علم اللاهوت من جامعة قم في إيران. يضم مسجده أيضا منظمة الشهيد قاسم سليماني غير الحكومية، التي تم إنشاؤها في تشرين الثاني 2020، ويُشتبه في أنه يخفي شبكة تجنيد لحزب الله. كما يوصف كانتيلو بأنه مدافع عن النظامين الإيراني والفنزويلي وهو صاحب شركة سيليكس ومقرها في رومانيا.
ينفي كانتيلو هذه الاتهامات بشدة، لكنه يؤكد أن حزب الله، حسب قوله، هو “حزب سياسي” و”حركة مقاومة”، لكنه ليس “حركة إرهابية” بأي حال من الأحوال. بالنسبة إليه، بدأ كل شيء بإدانة مجهولة المصدر لكن الاتهامات كانت كاذبة. والدليل على حد قوله: لم تُرفع ضد مسجده أي دعوى قضائية. استنتاج يجعل المحققين يبتسمون، لأن هذا هو مصير العديد من التحقيقات المهمة في كولومبيا.