“مغارة علي بابا” منبع الفساد.. أموال الكهرباء “المهدورة” دفعت لبنان نحو الانهيار!
لا تزال تداعيات التقرير الجنائي الذي قدّمته شركة “ألفاريز أند مارسال” إلى الدولة اللبنانية، ترخي بثقلها على الرأي العام في ظلّ ما يتم تداوله عن هدر بمليارات الدولارات في الدولة اللبنانية.
غير أنّ جزءاً هاماً من هذا التقرير غفل عنه الرأي العام ، وهذا الجزء هو من أهم مزاريب الهدر في الدولة، وكلّفها العديد من الأموال، ونقصد بهذا “مغارة علي بابا” المعروفة أيضاً بمؤسسة كهرباء لبنان.
فقد طُرحت أكثر من علامة استفهام، حول عمل هذه المؤسسة والهدر المستشري داخل أروقتها. فبعد أكثر من 20 عاماً، لم تفضِ وعود وزراء الطاقة المتعاقبين، والذين ينتمون بأغلبهم إلى فريق واحد، إلى تأمين كهرباء 24 ساعة.
والتقرير المؤلف من 332 صفحة، تضمّن في صفحته الـ70 إشارة إلى أنّ أكثر من 18 مليار دولار صرفت لصالح شركة كهرباء لبنان بين عامي 2010 و 2021، وهذا المبلغ يكفي لشراء 46 مليون طن من الفيول.
ووفق التقرير نفسه تمّ صرف 5.6 مليار دولار لمشاريع أخرى تحت وصاية وزراة الطاقة.
هذه الأرقام وفق المدير العام للاستثمار سابقاً في وزارة الطاقة غسان بيضون، منطقية جداً في ظلّ دولة عاجزة، وهي تساوي إلى حدّ ما الأموال التي كانت تصرف على القطاع في سنوات العزّ والتي وصلت إلى حدود الـ50 مليار دولار، مشيراً إلى أنّ “الدولة واجهت في السنوات الماضية صعوبة في تأمين التمويل اللازم لها وبقيت في عجز مالي كبير، نتيجة سوء الإدارة وفشل خطة الكهرباء التي وضعها وزراء الطاقة المتعاقبون، وهذا واضح لناحية عدم القدرة حتى اليوم على تأمين الكهرباء 24/24 والتي كانت واحدة من الوعود التي أعطيت للشعب على أن تحقق في العام 2015″.
ولفت بيضون لـ”هنا لبنان” إلى أنّ “الحكومات المتعاقبة كانت تعمل على تأمين كلّ ما هو مطلوب للحصول على كهرباء من استئجار البواخر إلى مقدّمي الخدمات، وكلّهم تمّ تمديد العمل لهم، من دون الحصول على النتائج المطلوبة ودائماً تحت شعار “ما خلونا”.
واعتبر أنّه “مع فشل وزراء التيار في تأمين الكهرباء في العام 2015 كان من المفترض العمل على تغيير الخطة الموضوعة، خصوصاً وأنّ النقطتين الأساسيتين التي قامت عليهما الخطة، وهما استئجار البواخر ومقدّمي الخدمات، أثبتتا فشلهما على مدى السنوات”، مشدداً على أنّ “زيادة التعرفة في الكهرباء كان من المفترض أن تكون في العام 2014 لا اليوم في ظلّ الأزمة الإقتصادية الخانقة التي تعاني منها البلاد، خصوصاً وأنّ مجلس الوزراء أعطى في العام 2017 موافقة لوزارة الطاقة لزيادة التعرفة، إلّا أنّ الإهمال والتراخي وسوء الإدارة، قد أوصلت البلاد إلى هذا المأزق الكبير وهذا الهدر الخطير، فالدولة اليوم تبحث عن مليار و200 مليون دولار لتأمين استمرارية القطاع لسنة، في حين أنّ الهدر بلغ أكثر من 18 مليار دولار، وعندها لما كنا وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم”.
في المقابل، يرى المدير التنفيذي لـ”KAZ advisory group” أنطوني زينا، أنّ التدقيق الجنائي لا يجب أن يكون في مصرف لبنان فقط، بل يجب أن يشمل جميع الوزارات لأنّها هي من استفادت من الأموال.
وأضاف في حديث لـ”هنا لبنان”: “يجب معرفة هذه الأموال أين ذهبت، خصوصاً أنّ قيمة ما صرف في مؤسسة كهرباء لبنان تجاوز الـ18 مليار دولار، ونسبة للأرقام فإنّ مؤسسة الكهرباء قد استحصلت منذ العام 1992 وحتى العام 2021 على 26.5 مليار دولار، أما مبلغ الـ18 مليار دولار فقد أعطيت فقط ما بين العامين 2010 – 2021 وهذه صورة واضحة عن حجم الفساد الموجود في المؤسسة، هذا من دون أن نحسب الفوائد المترتبة على هذه الأموال”.
وشدّد زينا على “ضرورة أن يتحوّل التدقيق الجنائي إلى الوزارات لا سيّما تلك التي تحوم حولها شبهات فساد، لأنّ الأموال التي صرفت هي أموال الشعب اللبناني، وبالتالي يحقّ للشعب أن يعرف أين ذهبت أمواله”، داعياً إلى “خصخصة هذا القطاع أو الاستثمار فيه لوقف هذا الهدر الكبير، هذا فضلاً عن العائدات الكبيرة التي تعود إلى الدولة وإلى اليد العاملة، وذلك يحل مشكلة الكهرباء التي عجزت الدولة حتى اليوم عن حلها”.
إذاً، لا تزال “مغارة علي بابا” عصية على الدولة التي لم تفتح بعد باب السرقات فيها، فهل يتمّ كشف المستور؟ وكيف هدرت مليارات الدولارات؟
نايلة المصري – موقع ”هنا لبنان”: