رجع أيلول – بقلم عمر سعيد
رجع أيلول.
وعاد إليّ برجوعه شعور مهابة الوقوف أما شجرة أسماء الشّهداء الّتي تغطّي جدار قاعة الاحتفالات الصّيفيّة في معراب.
أقف أمامها. أمرّ بنظري على أعمدة الأسماء مرّة عاموديًّا، ومرّة أفقيًّا. لا أعرف أحدًا منهم.
رفاق، كان الاحتمال كبيرًا، أن أسقط بيد أحدهم، وأعلق في المقلب الآخر لكلّ ما تبقى من موتي في هذه الأرض.
لم أفكّر وإن لمرة فقط بشكل معاكس. لا أعرف لم.
ربما يرجع السّبب الأهمّ إلى أمّي.
يصادف أنّي أوشك على الانتهاء من قراءة كتاب:
“بقاء المسيحيّين في الشّرق خيار إسلامي”
للإعلامي وصاحب دار سائر المشرق للطباعة والنشر أنطوان سعد.
قد يعتقد قارىء العنوان للوهلة الأولى اعتقادًا سلبيًا، ويظن أنّ للمسلمين الفضل في بقاء المسيحيّين في هذا الشّرق.
غير أنّ وجهة العنوان الدّقيقة هي في دعوة المسلمين لاتخاذ هذا الخيار. خيار بقاء المسيحيّين في الشّرق.
أعود إلى أيول، ولست هنا بصدد الحديث عن الكتاب، لأنّني سأفرد له لقاءً خاصًّا أتحدّث فيه عنه وبه وبالتّفصيل.
في أيلول الّذي أمطرت فيه أرض المسيحيّين في بلدي سماء الوطن دماء وشهادة، لتفتح فيها بوابة إلى الله يعبرها أصحاب الحقّ كلّما جارت الجغرافيا على حقّهم.
أنتظر أيلول الآتي.. لأسلك تلك الطّريق، وارتقي ذلك المرتفع، وأقف عند ذلك المذبح أمام تلك الشّجرة، الّتي يأتيها النّاس ساعين بين الدّمع والمبادىء والصّلاة، مفتّشين عن أحبّة، ظنّوا أنّهم قد راحوا.
أنتظر ذلك الموعد، لأتأكّد أنّي في لبنان، وأنّ الوجود المسيحيّ خيار إسلاميّ، وأني ممتن لأنّي ما سقط في المقلب الآخر، لشدّة حاجتي إلى تلك اللّحظة عند تلك الشّجرة غير القابلة للاحتراق، رغم اشتعالها الدّائم، ذلك لأنّها لا تورق في غير حدائق الوطن.
#عمر_سعيد