“القوات اللبنانية” لا يستبعد ضلوع “حزب الله” بتصفية أحد كوادره
طوني بولس – اندبندنت عربية
لم تهدأ الاغتيالات الحزبية والسياسية في لبنان منذ الاستقلال حتى اليوم حيث يمكن إحصاء حوالى 250 اغتيالاً أو محاولة اغتيال في سياقات سياسية متعددة. ومنذ عام 2005 أخذت منحى متصاعداً، بدأ مع محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة، ثم اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، وبعدها كرّت السبحة لتتجاوز العشرين اغتيالاً، وقد طاولت بالشق الأكبر منها، سياسيين ومحازبين وصحافيين وأمنيين، والقاسم المشترك بين تلك الجرائم أن الضحايا في أغلبهم من معارضي “حزب الله” وتحالفه الإقليمي، في وقت لم يتوصل القضاء اللبناني إلى أي نتيجة، على رغم كفاءة الأجهزة الأمنية في لبنان، وإمكاناتها وقدراتها التي ثبتت في عمليات نوعية واستباقية عديدة. آخر عمليات الاغتيال كانت مقتل أحد كوادر حزب “القوات اللبنانية” الياس الحصروني، إذ حاولت الجهة المنفذة إخراج العملية لتظهر وكأنها وفاة طبيعية نتيجة حادث سير، قبل أن يكتشف أهله بعد أيام على وفاته ودفنه، أن الحادث مدبر، وجرى الإعداد له بحرفية.
“القوات اللبنانية” لا يستبعد ضلوع “حزب الله” بتصفية أحد كوادره
سمير جعجع: الياس الحصروني قُتِل ولم يمت جرّاء حادث سير كما حاولوا في البداية تصوير الجريمة
طوني بولس @TonyBouloss السبت 26 أغسطس 2023 15:11
أهالي بلدة عين إبل يطالبون بكشف ملابسات مقتل احد كوادر حزب “القوات اللبنانية” الياس الحصروني (الوكالة الوطنية للإعلام)
لم تهدأ الاغتيالات الحزبية والسياسية في لبنان منذ الاستقلال حتى اليوم حيث يمكن إحصاء حوالى 250 اغتيالاً أو محاولة اغتيال في سياقات سياسية متعددة. ومنذ عام 2005 أخذت منحى متصاعداً، بدأ مع محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة، ثم اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، وبعدها كرّت السبحة لتتجاوز العشرين اغتيالاً، وقد طاولت بالشق الأكبر منها، سياسيين ومحازبين وصحافيين وأمنيين، والقاسم المشترك بين تلك الجرائم أن الضحايا في أغلبهم من معارضي “حزب الله” وتحالفه الإقليمي، في وقت لم يتوصل القضاء اللبناني إلى أي نتيجة، على رغم كفاءة الأجهزة الأمنية في لبنان، وإمكاناتها وقدراتها التي ثبتت في عمليات نوعية واستباقية عديدة. آخر عمليات الاغتيال كانت مقتل أحد كوادر حزب “القوات اللبنانية” الياس الحصروني، إذ حاولت الجهة المنفذة إخراج العملية لتظهر وكأنها وفاة طبيعية نتيجة حادث سير، قبل أن يكتشف أهله بعد أيام على وفاته ودفنه، أن الحادث مدبر، وجرى الإعداد له بحرفية.
كاميرا المراقبة
بعد الحادث راود الشك أهل الحصروني واصدقاءه حيث طلب ابن أخت الضحية مايكل الصيداوي من المواطن إيلي فرح في “عين إبل”، أثناء تقديم واجب العزاء أن يطلع على كاميرات المراقبة المحيطة بمنزله. وتبين من تسجيل الكاميرات أنه في التاسعة و16 دقيقة مساء الأربعاء 2 أغسطس (آب)، وقفت سيارة من نوع “جيب” داكن اللون أمام سيارة الحصروني بشكل أعاقت سيره ولحقت بها سيارة لونها رصاصي من نوع “هوندا CRV” وأقفلت الطريق ثم ترجل منها عدد من الأشخاص وركبوا مع الضحية بسيارته، ثم اتجهت السيارات الثلاث إلى مكان حصول الحادث قرب بلدة “حانين”. سُلِّم الفيديو إلى بلدية “عين إبل” التي قامت بدورها بتسليمه إلى القوى الأمنية التي باشرت التحقيق في الجريمة.
شاهدة عيان
وكشفت التحقيقات وجود شاهدة عيان كانت تمر بالمنطقة وصادفت سيارة بداخلها أشخاص ملتحين يضعون قبعات فسجلت رقمها، وعند عودتها من الطريق نفسه شاهدت سيارة “هيونداي” متوقفة إلى جانب الطريق، وسجلت أيضاً رقمها ليتبيّن أن أرقام اللوحات مزورة وتعود إلى سيارات من نوع آخر.
“شعبة المعلومات” التي قامت بالتحقيق، راجعت المحامي العام الاستئنافي في النبطية عباس جحا فأشار بترك المستمع إلى إفادتهم، واحتفظ بالـفيديو وبهاتف الضحية وختم المحضر.
شاهدة العيان كانت أبلغت مركز الشرطة في المنطقة عن تواجد تلك السيارات مع الأرقام، قرب ملعب للكرة لثلاثة أيام متتالية قبل الجريمة، إذ تخوفت على الأطفال الذين يتواجدون فيه يومياً.
“الهيئة الصحية”
وفي هذا السياق يروي الناشط السياسي هشام بو غنام، وهو قريب الضحية الياس الحصروني، أنه ومنذ اللحظة الأولى لإعلان الخبر كانت الشكوك تراود الأهل والأقارب، إذ الطريق المؤدي الى مكان الحادث وتوقيته يثيران التساؤلات، كذلك بدا لهم أن آثار الاصطدام على السيارة ليست قوية بما قد يؤدي الى مقتل من بداخلها.
ويوضح بو غنام أن قرابة العاشرة ليل الأربعاء 2 أغسطس، عثر مختار بلدة “الحنية” وهي قرية مجاورة لـ “عين إبل” ومعه شخصان من خارج البلدة، على جثة الحصروني في منحدر إلى جانب سيارته المصطدمة بشجرة زيتون. المختار أبلغ “الهيئة الصحية الإسلامية” التابعة لـ “حزب الله”، ويضيف بو غنام أنه في هذه الأثناء وصل شاب من البلدة وسأل المختار عن سبب توقفه الى جانب الطريق فأبلغه بالحادث، وفوراً نزل الشاب من السيارة ليتعرف مباشرة على هوية الجثة فاتصل على الفور بشرطة بلدية “عين إبل”، ثم وصلت سيارة “الهيئة الصحية” التي نقلت الجثة الى “مستشفى صلاح غندور” في بنت جبيل.
وبو غنام يقول إن جريمة كهذه لا يمكن أن تنفذ إلا من جهة نافذة ومتمكنة، إذ المنطقة تخضع لتدابير أمنية استثنائية كونها قريبة من الحدود الإسرائيلية، مؤكداً وجود مراقبين لـ “حزب الله” في الأحراج، ومشيراً الى أنه في حال توقفت أي سيارة في المكان الذي نفذت فيه الجريمة لدقائق، فستتوجه فوراً عناصر من الحزب للتأكد من هوية السيارة وركابها، متسائلاً عن غيابهم أثناء تلك العملية، بالرغم من مشاركة ما بين ستة الى تسعة أشخاص في العملية وفق ما وثق شريط الفيديو.
تحقيق أولي
ووفق المعلومات التي توافرت عن التحقيق الأولي، أفادت الأدلة الجنائية والطبّ الشرعي على أثر تشريح الجثّة، بأن الحصروني “قضى نتيجة كسور في القفص الصدري ما تسبب بضغط على الرئتين ونزيف داخلي حادّ أدى إلى الوفاة”، مؤكدة أنه أيضاً تعرض لضربة غير “قاتلة” على الرأس، قد تكون بهدف السيطرة عليه أثناء اختطافه.
كذلك هناك غموض حول أسباب نقل الجثة الى المستشفى قبل وصول الأدلة الجنائية الى مكان الحادث، علماً أن المسعف برر ذلك بأنه لحظة وصوله كان لا يزال قلب الحصروني ينبض.
ورغم أن التحقيقات لم تتوصل بعد الى نتائج حاسمة، لم يتردد حزب “القوات اللبنانية” بتوجيه أصابع الاتهام إلى “حزب الله”، حيث أكد رئيس جهاز الإعلام والتواصل شارل جبّور أن الشكوك قوية جداً حول دور “حزب الله” ومسؤوليته عن الجريمة بالاستناد إلى أربعة عوامل:
خمس سيارات وتسعة مسلحين شاركوا في العملية مما يدلّ على احتراف منفذي الجريمة.
تضليل التحقيق عبر تدحرج سيارة الضحية في منحدر إلى يمين الطريق ووجود الجثّة قرب السيارة لإظهار أنه قتل نتيجة حادث.
تغييب دور الأجهزة الأمنية والقضائية، وعدم تقديم أي معلومات حاسمة عمّا حصل.
كذلك أشار رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع إلى أنّ “الجريمة وقعت في عمق مناطق سيطرته (حزب الله) حيث لديه السيطرة الأمنيّة والعسكريّة الكاملتين”، وقال “بكلّ صراحة، كلّ أصابع الاتّهام متّجهة نحو الحزب انطلاقاً من ظروف حدوث الجريمة”.
في المقابل ترفض مصادر “حزب الله” التعليق على حيثيات الجريمة، وتكتفي بالإشارة الى أن المناطق ذات الأغلبية المسيحية غير خاضعة كما يحاولون التصوير لسيطرة الحزب، وهناك نفوذ لأحزاب أخرى، إضافة إلى التواجد الكثيف لاستخبارات الجيش اللبناني التي تحرص أن تكون هي الجهة الضامنة لأمن تلك القرى.
“أخضر بلا حدود”
ولطالما شهدت تلك القرى الحدودية، إشكالات مع جمعية “أخضر بلا حدود” التابعة لـ “حزب الله”، كان آخرها في بلدة “رميش” الحدودية، على خلفية التعدي على أراض تعتبر “مشاعات” (أي تملكها البلدية أو الدولة) ومحاولة استغلالها ووضعها تحت سيطرة “الحزب” عبر نصب ”خيم”، وحملات تشجير وأنشطة بيئية لتغطية أنشطة عسكرية، لاسيما أن تلك المناطق خاضعة للقرار الدولي 1701 الذي يحظر تواجد عناصر “حزب الله”.
ومؤخراً فرضت الخزانة الأميركية عقوبات على جمعية “أخضر بلا حدود”، مشيرة الى أنّ “الجمعية التي يتمثّل هدفها المعلن بالحفاظ على المساحات الطبيعية وإعادة زراعة الأشجار، تشكّل في الواقع غطاءً لأنشطة “حزب الله” على طول الخط الأزرق، حيث لدى الجمعية مواقع يديرها أعضاؤها في عشرات النقاط