زعماؤنا وجَبْل الزبل… (بقلم عمر سعيد)
في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وسبعينياته كان أهلنا يعتاشون على الزراعة وتربية الماشية والأبقار، وكانوا يستفيدون من روث البقر ( زبله بالشعبية) ، وكان موسم جَبْل الزبل بعد الفراغ من مواسم الحقلة والمونة وتطيين بيوت القرية الترابية، والذي كان يصادف في اوائل التشارين، فيقلبون المزبلة رأسا على عقب ، لئلا ينتشر الدود فيها، وليصنعوا منها لطاطيع الزبل تلك التي كانت تستخدم للتدفئة شتاء وفي استخدامات اشعال النار في أي وقت ..
يجتمع الشباب بالرفوش والمجارف والشِوَك، وقد انتعلوا جزماتهم التشيكية السوداء ، ليبدؤوا بجبل الزبل، ومناولته بواسطة الرفوش للصبايا فوق الأسطح ، ليقمن بدورهن بصناعة اللطوع، وصفه على السطح ليجف، وكانت في هذه المناسبات تشتعل عيون العشاق بالمشاعر والرغبات، وبعد ان يمتلئ السطح بلطاطيع الزبل، تنزل الصبايا عن السطح، وتبدأ بصنع اللطاطيع على ألواح معدنية، ثم يلصقنها على الجدران الحجرية بتشكيلات، يتفنن بها ، ليغدو الجدار لوحة وحشية مضحكة ..
إلا ان المضحك المبكي مرده إلى أن الانتخابات النيابية، كانت تصادف في مواعيد تلي موسم لطاطيع الزبل، فيحضر المرشح لحملته الانتخابية ، لتكون الصدمة المضحكة المبكية، حين يرى أن صوره ملصقة فوق لطاطيع الزبل بعفوية تنطلق من فكرة ان سطح اللطوع يساعد على اللصق؛ وأن اقتلاعها يسهل مع اقتلاع اللطوع واشعاله.
والأمر الأشد إضحاكا، كان مظهر اولئك المتحمسين الذين كانوا يحضرون للقائه رافعين فوق رؤوسهم لطوع زبل لصقت عليه صورة المرشح فوق وجهيه، وينشغلون أمام مرشحهم بالحوربة والهتاف :
علوا الصورة باللطوع … علواها وزيدوها طلوع
لياتي بعد ذلك الشتاء ، وتمتلئ المواقد باللطاطيع والصور، ويختفي المرشحون رابحهم وخاسرهم إلى ما بعد خمسة مواسم تالية.
عمر سعيد / من ادغال الذاكرة البريئة .