مخاوف الأسد من “النمر” صاحب الولاءات المتبدلة.. هل أصبحت حقيقة؟
عاد اسم العقيد في قوات نظام بشار الأسد، سهيل الحسن الملقب بـ”النمر”، إلى البروز مجدداً على ساحة الحدث السوري الذي تضاءل فيه التصعيد الميداني.
وجاءت عودة اسم الحسن ليس وفق نموذجه السابق الذي كان بين الأسد ومعارضيه، لكن وفق شكل ونموذج جديد يشير إلى تصعيد خطير، وربما يحمل تداعيات كبيرة مستقبلية.
هذا الحدث تمثل في اندلاع اشتباكات قبل نحو أسبوعين بين أبرز قوتين تابعتين لقوات نظام الأسد، “الفرقة الرابعة” من جهة التي يقودها ماهر الأسد وتدعمها إيران، و”الفيلق الخامس” وقوات “النمر” التي يقودها سهيل الحسن من جهة أخرى، واللذان يتلقيان دعماً من روسيا، وتجددت المواجهات بينهما، خلال اليومين الماضيين وتركزت في منطقة سهل الغاب بحماه وسط سوريا.
ويأتي هذا التصعيد ضمن تنافس روسي إيراني انتقل من الحلبة السياسية، إلى مرحلة أخطر وهي العسكرة والميدان، للسيطرة على جيش الأسد حالياً، وتهيئته مستقبلاً لما يضمن المصلحة المستقبلية لكل من الطرفين المتصارعين عليه حالياً.
مخاوف الأسد هل تصبح حقيقة؟
الحسن الذي برز نجمه لدى الموالين للأسد مع بدء الاحتجاجات في سوريا، عُرف عنه تقلب ولاءاته ما بين القوى الداعمة للنظام، فهو تنقل ما بين الولاء لإيران، قبل أن يأتي الروس ليجعل الولاء الأول لهم على حساب الإيرانيين، وربما على حساب الأسد نفسه إن اضطر الأمر، وفق تحليلات سابقة أشارت إلى أن الصعود الكبير والشعبية المتنامية لـ”الحسن” بين أنصار النظام، قد يهدد الأسد ذاته.
هذه التحليلات عادت إلى الطاولة الآن، وبشكل أكبر عما مضى بعد وصول النمر إلى تحدي ماهر الأسد شقيق رأس النظام، وهو ما كانت تجرؤ عليه أي شخصية داخل النظام الذي دأب على إنهاء أي شخصية تلمع بين صفوفه، عندما تصل إلى درجة محددة، يستشعر بخطرها، خاصة إن كانت من الطائفة العلوية، وهو ما فعله الأسد الابن ومن قبله الأسد الأب.
ما فعله سهيل الحسن في مواجهة قوات ماهر الأسد، وقدرته على الانتصار على الأخير، يظهر بوضوح أن ولائه للروس يبدو أنه مطلقاً وكبيرا، ليتجاوز به ما يصنف بالشخصية الثانية داخل النظام، ما يظهر أن تأييده الذي كان يطلقه لبشار الأسد، يمكن أن يتجاوزه ويتعداه أيضاً، في حال اتجهت روسيا التي يواليها حالياً، إلى أي صفقة مستقبلية تتعلق بسوريا، يكون لـ”الحسن” جانباً منها، وربما هذا ما يتمناه، إن لم يكن قد تلقى وعوداً من الروس في هذا المجال أصلاً.
ويعد الحسن الحالة الأكثر وضوحاً لأزمة الولاء التي يعاني منها نظام الأسد مع قواته، الذين مع استمرار المواجهات في سوريا، يجدون أنفسهم أمام نفوذ عسكري روسي وإيراني بإمكانه إحداث تغييرات داخل جسم “جيش النظام”، ما يدفعهم إلى تغيير ولاءاتهم حفاظاً على مناصبهم.
وشهدت السنوات الماضية ترك مقاتلين لجيش النظام، وانضمامهم إلى الميليشيات التي تدعمها إيران التي أغرتهم بالأموال والمناصب، وتمكنت من شراء ولاءاتهم حتى بات هؤلاء المقاتلين يجدون أنفسهم فوق سلطة الفروع الأمنية لنظام الأسد، مستغلين دعمهم من قبل “الحرس الثوري” الإيراني.
وجه آخر للصراع
الروس والإيرانيون حملوا هدفاً واضحاً مع بدء كل منهما تدخله العسكري في سوريا، وهو الوقوف مع الأسد ضد معارضيه، لينتقلوا حالياً مع اعتقاد كل منهما بأن الأسد انتصر، إلى الصراع على النفوذ، والسلطة، والتي تمحورت في بداياتها بالسياسة، ثم العسكرة ومعها الاقتصاد.
وبالتالي، فإن عملية إصلاح الجيش التي يدأب عليها الروس مؤخراً، قد يكون هدفها إعادته إلى حالته ما قبل الحرب، ما يجعله مرتبطاً بهم بشكل غير مباشر، سواء عبر التدريب أو السلاح أو التنظيم وغير ذلك، ما يجعل لروسيا موطئ قدم في سوريا، بشكل يماثل ما هو عليه حالياً، وربما يفوقها.
أما إيران، فهي تسعى إلى بناء ميليشيات أو جيش شبه نظامي يماثل ما فعلته في لبنان (حزب الله) واليمن (الحوثي) والعراق (الحشد الشعبي)، لأنها عبر ذلك تضمن الولاء المطلق لها من قبل هذه الكيانات، بعكس ما هو عليه الحال في الجيش النظامي الذي يمكن أن يتبدل ولائه بحسب القوى والشخصيات المسيطرة على السلطة، لذلك تصادمت مع الروس الذين وضعوا الحسن ضمن أدوات تحقيق هدفها الحالي، المعاكس أو على الأقل غير المتطابق مع المشروع الإيراني.
وعُرف عن الحسن اتباعه سياسة “الأرض المحروقة” ضد المناطق التي يهاجمها، وشكّل هالة لنفسه جعلته محبوباً لدى الحاضنة الشعبية للنظام، التي تغنت به في بعض الأحيان أكثر من رأس النظام بشار الأسد، إذ ظهر الحسن بصورة القائد الذي يخوض المعارك ويدلي بالتصريحات على وقع مدافعها، حتى أنه خلال لقائه بمجموعة من مقاتلي النظام صرخ هؤلاء “لبيك يا نمر”، وهو شعار غير معتاد على ألسنة قوات النظام التي كانت تهتف دائماً لبشار الأسد.
الحسن لا ينكر فضل إيران
لا ينكر الحسن ولا المتابعين لقصة صعوده في سوريا دور إيران في تصديره بالمشهد العسكري في سوريا، إذ مدته بالمقاتلين والدعم المادي واللوجستي، وجعلته عراباً لـ”القوة الضاربة” التي شكلها “الحرس الثوري” الإيراني في سوريا عام 2014، والتي بدأت عملها في محافظة حماة آنذاك.
وسخرت طهران هذه القوة لدعم الحسن في معاركه ضد مقاتلي المعارضة، مهيئة له أسباب التقدم في المعارك التي قتَل فيها أعداداً كبيرة من المدنيين لتحقيق “نصره المنشود”، عبر سياسته القائمة على إنهاك المناطق المُهاجِمة بالقصف العشوائي ثم الدخول إليها على أنقاض الركام.
وقبل أن تبدأ روسيا بشن أول غارة لها في سوريا في سبتمبر/ أيلول 2015، كان الحسن لصيقاً بالأهداف التي تسعى إيران إلى تحقيقها في سوريا، فخاض معاركها التي رأت في كسبها توسعاً لنفوذها في سوريا، لا سيما في غرب البلاد التي حرصت إيران على الوجود والتمترس فيها منذ بداية مساندتها للأسد.
وقَِبل الحسن بوضع ولائه على طاولة ضباط “الحرس الثوري” الإيراني، وصار في خطاباته يستخدم مصطلحاتهم وخطابهم الذي اعتمدوه لتبرير تدخلهم في سوريا، وظهر في تسجيل مصور مبدياً إعجابه بزعيم ميليشيا “حزب الله” (أحد أبرز أذرع إيران في المنطقة العربية)، وقال: “أنا لست أكثر من خيط في عباءة سيدي وشيخي الجليل حسن نصر الله”.
وحالة الولاء تبدلت لدى الحسن منذ أن وطأ الجنود الروس أقدامهم في سوريا، فأصبح الحسن الضابط المدلل لدى روسيا، وأبرز القادة التي تعتمد عليه موسكو لخوض معاركها على الأراضي السورية، حتى أنه كُرّمَ مراراً من قبل الضباط الروس.
ولم يخفِ الحسن ولائه الشديد لروسيا، إذ قال خلال تكريمه للمسؤول الروسي أنه مستعد “لقتال الإرهابيين حتى القطب الشمالي”
المصدر: السورية نت