اخبار العالم

السعودية توظف إرثها النفطي في ابتكار مستقبل سياحي

يبدو أن المساعي السعودية الحثيثة للتخلص من إدمان النفط، تمر عبر النفط نفسه. ليس هذا الأمر مستغرباً، فقد شكل النفط قوام اقتصاد الدولة السعودية الحديثة منذ نحو قرن من الزمان، ولا يزال حتى الآن. صحيح أن صلب رؤية المملكة 2030 يقوم على تقليص مساهمة النفط، وصولاً إلى التخلي عنه مع الاستعداد لعصر ما بعد النفط، لكنه سيظل حاضراً بشكل أو بآخر، مهما طال الزمن. الأمر الجديد هو الاستفادة من إرث الصناعة النفطية السعودية في صياغة مشروع سياحي فريد من نوعه، يتمثل في منتجع بحري فاخر على الخليج العربي يحمل اسم «THE RIG»، أي المنصة النفطية البحرية.

ما مشروع «THE RIG»؟

إنه- باختصار- منصة بحرية لاستخراج النفط والغاز، ستأخذ شكل منتجع عائم على مياه الخليج، تمتد على مساحة 150 ألف متر مربع، وتحتضن 800 غرفة فندقية فاخرة، إلى جانب حديقة ملاهٍ ومواقع للرياضات البحرية والغوص مع مارينا يتسع لنحو 50 قارباً ويختاً. الأمر المثير في المشروع هو أنه لا يمكن الوصول إليه إلا عبر القوارب واليخوت والمروحيات؛ دون أن يكون هناك جسر بري، يربط المنتجع المنصة بالبر.

ويأتي هذا المشروع ضمن استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة، الصندوق السيادي السعودي، للأعوام 2021-2025، التي تعلي شأن الابتكار في قطاع السياحة والضيافة. وبالفعل، يعد المشروع الأول من نوعه في العالم، الذي يستفيد من فكرة المنصة النفطية البحرية، وفقاً لما يذكره الصندوق على موقعه.

لم يتضح إذا كان المشروع، سيبنى على إحدى المنصات الموجودة بالفعل أم إنه سيجري بناؤها من الصفر، كما ينتظر من مالك المشروع، تقديم تفاصيل إضافية عن موعد إنجاز المشروع وبدء استقبال السياح.
 

أفق سياحي واعد

ووفقاً لعاملين في قطاع السياحة السعودي، تحدثت إليهم «المجلة» فإن مشروع «THE RIG» يمثل قفزة نوعية في مستوى الابتكار السياحي السعودي، فكلما تميزت المملكة بمشاريع لا توجد في أي مكان آخر في العالم، فإن ذلك يجعلها مقصداً أساسياً للاستمتاع بتجربة خاصة، موضحين أن نقطة تميز المشروع الأساسية تكمن في الاستفادة من الإرث العريق للصناعة النفطية، وبخاصة البحرية منها.

وعندما تذكر حقول النفط البحرية السعودية، فإن أول ما تحيله إليه الذاكرة، هو حقل السفانية في الخليج العربي، الذي اكتشف قبل 70 عاماً بالضبط (1951)، فيما بدأ إنتاجه بالتدفق عام 1957. أما منصات النفط المائية، فقد عرفت لأول مرة في التاريخ في ولاية أوهايو بالولايات المتحدة عام 1891.

ويبرز هنا سؤال حول سهولة تشغيل المنتجع المنصة، ويوضح المشتغلون في القطاع السياحي السعودي، أن المشروع يحتاج إلى بناء أسطول بحري من القوارب، التي يمكنها حمل المؤن والتجهيزات اللازمة للتشغيل، علماً بأن هذا الأسطول ضروري لنقل السياح كما هو الحال مع النقل إلى الجزر.

أما بالنسبة لهوية الشركات المشغلة للمشروع بعد اكتماله، فإن سلاسل الفنادق العالمية الشهيرة هي التي يمكنها تولي إدارة وتشغيل وصيانة الوحدات الفندقية، لكن المجال مفتوح للاستفادة من الخبرات الوطنية والعالمية لإنشاء شركة سعودية، ذات علامة تجارية محلية، لتقوم بإدارة المشروع.

لكن الأمر الأهم، بحسب العاملين في القطاع السياحي، هو دراسة مدى نجاح التجربة وربما تكرارها في بحار أخرى حول العالم؛ لتكون «THE RIG» علامة تجارية سعودية ليس لها مثيل في العالم، وربما بناء المنتجع المنصة في البحر الأحمر!

مخاوف البيئة

يكثر الحديث عن المواضيع المتعلقة بالبيئة والاحتباس الحراري عند الحديث عن مشاريع لها تماس مباشر مع البيئة البحرية، حيث تبرز مخاوف من تأثر الكائنات البحرية وارتفاع درجة حرارة المياه بسبب النشاط الإنساني واستخدام الآلات.

ويبدو أن القائمين على المشروع، تنبهوا إلى ذلك مع بدايات إعلان المشروع من حيث طمأنة الجمهور إلى أن البيئة البحرية والحفاظ عليها واستدامتها هي إحدى ركائز المشروع.

إن أي تأثير ضار بالبيئة ليس في مصلحة المشروع، فالسياح يبحثون عن الطبيعة البكر النظيفة، التي يمكنهم الاستمتاع بها. ومن المعروف أن صندوق الاستثمارات العامة هو صاحب الريادة فيما يتعلق باستخدام الطاقة المتجددة الصديقة للبيئة، وكذلك إعادة التدوير في مشاريع مثل نيوم والبحر الأحمر. كما أن الصندوق نفسه يمتلك ضمن محفظته شركة لإعادة التدوير. لذا، فإن الهم البيئي، يقع على رأس الاهتمامات، وبخاصة مع زيادة الوعي البيئي لدى السائح العادي في اختيار وجهات نظيفة وغير ملوثة للبيئة، وبخاصة أن المشروع مخصص لاستقطاب أصحاب الملاءة المالية الجيدة ممن يبحثون عن الجودة العالية في سياحتهم.   

المصدر: المجلة
 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى