القادة الموارنة في لبنان يرفضون مساعي حزب الله فرض “المثالثة” في الحكم
شهد مقر البطريركية المارونية في منطقة بكركي، شرق العاصمة اللبنانية بيروت، الأربعاء، اجتماعا استثنائيا لقادة الطائفة المارونية، حذر من انفجار يطيح بالكيان اللبناني، ورفض “المثالثة” في إدارة الدولة.
وينصّ الدستور على المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، ويوجد تخوف لدى المسيحيين من مطالبات شيعية بأن يذهب النظام إلى “المثالثة” بين السنة والشيعة والمسيحيين مجتمعين. وكان البطريرك الماروني، الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قد دعا إلى هذا الاجتماع الذي حضره جميع نواب الطائفة المارونية (34 نائبا)، ورؤساء الأحزاب، والكتل والتيارات المارونية.
وأشار اللقاء الماروني، في بيان ختامي، أنه “نشأت مخاوف حيال ما يطرح في السر والعلن عن تغيير في النظام والهوية، وعن مؤتمر تأسيسي، وعن مثالثة في الحكم تضرب صيغة العيش المشترك المسيحي – الإسلامي”. ويتخوف الموارنة، والمسيحيون عامة في لبنان وبينهم حلفاء لحزب الله من مساعي الأخير إعادة النظر في الدستور، ويتمسكون بصلاحيات رئيس الجمهورية الماروني، الذي أعطاه الدستور مع رئيس الحكومة السني حق تأليف الحكومة.
وأعلن البيان، رفضه كل ما من شأنه المسّ بتوازن المؤسسات الدستورية وصلاحيات كل منها، وفي مقدمتها رئاسة الجمهورية (يتولاها ماروني). ولفت إلى أن احترام الصلاحيات المناطة بمسؤولي الدولة، والتعاون المتكافئ بين السلطات الثلاث (الرئاسة والحكومة والبرلمان) يحمي الدستور، ويخدم مصلحة الوطن والناس، ويعزز مناعة الدولة وهيبتها.
وشدّد اللقاء الماروني، على “التمسّك باستقلالية القرار الوطني وبمصلحة لبنان العليا في صياغة علاقاته الخارجية والالتزام بمقتضيات انتمائه إلى المنظومتين العربية والدولية، حتى لا تتشوَّه هوية لبنان، ويصبح في عزلة عن محيطه العربي والدولي”. ودعا إلى “الإسراع بتشكيل حكومة وفق الدستور، وآلياته تكون منتجة، وتشكّل حافزا لدى المجتمع الدولي لمساندة لبنان”.
وشهد هذا الاجتماع سجالات بين القوى المارونية خاصة بين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وعضو تكتل “لبنان القوي” زياد الأسود، حيث قال فرنجية إن حضوره ليس لمنح غطاء لحصول التيار الوطني الحر على الثلث المعطل داخل الحكومة المنتظرة، الأمر الذي رد عليه الأسود بالقول “التيار الوطني الحر لم يطالب بالوزير الحادي عشر، وهذا الأمر إن حصل فهو مكسب للمسيحيين”.
وفي مايو 2018، كلّف الرئيس اللبناني، ميشال عون، سعد الحريري بتشكيل الحكومة، لكنه لم يتمكّن من إنجاز المهمة حتى اليوم، في ظل اتهامات لـ”حزب الله” (شيعي) وحلفائه بعرقلة عملية التشكيل. وشدد اللقاء الماروني، على ضرورة التعاون مع الرئيس عون، ورئيس الحكومة المكلف الحريري، اللذين أناط بهما الدستور عملية تشكيل الحكومة، حتى لا يبقى لبنان عرضة للأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وحذّر اللقاء الماروني، من انفجار يطيح بالكيان والخصوصية اللبنانية، التي جعلته صاحب رسالة ودور بناء في المنطقة. وأنهى اتفاق الطائف، حربا أهلية بين الفرقاء اللبنانيين دامت 15 عاما، وتم التوصل إليه في 1989، بوساطة سعودية. وتماشيا مع اللوائح المعمول بها بعد الاتفاق، الذي أسس للمحاصصة الطائفية، يكون رئيس الجمهورية مسيحيا مارونيّا، ورئيس مجلس النواب شيعيّا، ورئيس مجلس الوزراء سنيّا.
والموارنة هم الطائفة المسيحية الأكبر في لبنان، ويبلغ عدد نوابهم في مجلس النواب 34 نائبا من أصل 128. ويسعى حزب الله الذي نجح في فرض نفسه رقما سياسيا صعبا في المعادلة اللبنانية، إلى جانب امتلاكه لقوة السلاح إلى ضرب الطائف بالترويج لصيغة المثالثة في الحكم، وهو خط أحمر بالنسبة للمسيحيين لأن ذلك سيحولهم إلى مجرد أقليّة سياسية.
المصدر: جريدة العرب