ترقّب للقمة الفرنسية السعودية: استئناف العقوبات أميركياً وتوسيعها أوروبياً
استنفدت الحلول في الداخل اللبناني. والأنظار كلها تتجه إلى ما قد يأتي من الخارج.
داخلياً لا يزال ميشال عون يفكّر في آلية الضغط على الرئيس سعد الحريري. نواب من تكتل لبنان القوي العوني يهددون بالاستقالة من المجلس النيابي، للذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة، وإسقاط تكليف الحريري. لا تبدو الخطوة واقعية ولا جدية. هدفها الضغط والابتزاز لا أكثر، وتضييق الخيارات أمام الرئيس المكلف. ويبحث الفريق الرئاسي باستثارة المزيد من ملفات الفساد، لنقل المعركة إلى مكان آخر، وليستثمر في أي حدث يمكنه من تحسين وضعه الشعبي المنهار.
ماكرون وبن سلمان
خارجياً، تعمل فرنسا على تجديد التواصل مع دول الاتحاد الأوروبي، لفرض عقوبات على لبنان. وأمس، جددت الخارجية الفرنسية إشاراتها حول التواصل مع دول الاتحاد في سبيل ذلك. واجتماع بروكسل يوم الإثنين الفائت، تعتبره مصادر فرنسية كان بناءً، إذّ أظهرت بعض الدول ليونة إزاء اللجوء إلى خيار العقوبات. وهناك تنسيق فرنسي-بريطاني في هذا الصدد. وكان الجواب البريطاني أن مجلس العموم أقر قانوناً لمكافحة الفساد، ويمكن استخدامه في فرض عقوبات على شخصيات لبنانية متورطة بالفساد.
وتحمل فرنسا المعضلة اللبنانية إلى المملكة العربية السعودية، في إطار التحضير للقاء يجمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وتؤكد المعلومات أن السعودية كانت عاتبة على مسار المبادرة الفرنسية، التي لم تنجح بسبب أخطائها الكثيرة.
والبحث جار لتعزيز المبادرة على قاعدة التنسيق والرؤى المشتركة، من خلال الاتفاق على مجموعة مسائل. والزيارة ينتظرها الداخل اللبناني لمعرفة نتائجها وتداعياتها. وكل طرف يراهن عليها من وجهة نظره: رئيس الجمهورية يراهن على اقتناع باريس بالتخلي عن الحريري رئيساً للحكومة. والحريري يراهن على ليونة سعودية حياله، ينجح ماكرون بتوفيرها.
أميركا وعقوباتها
ولا تغيب الولايات المتحدة الأميركية عن المشهد. قرار فرضها عقوبات على شخصيات منتمية إلى حزب الله، وأغلبها اهتماماتها مالية أو على علاقة بمؤسسة القرض الحسن، يشير إلى أكثر من مسألة: المسار الأميركي في فرض العقوبات مستمر، وفق العمل المؤسساتي والقرار السياسي.
فالإعلان عن العقوبات أُعد قراره بيروقراطياً، واحتاج إلى قرار سياسي. وأميركا -منذ دخول جو بايدن إلى البيت الأبيض واتصاله بماكرون- قدّمت مبادرة بوقف مسار فرض العقوبات على شخصيات لبنانية، تسهيلاً للمبادرة الفرنسية، وفي محاولة لإنجاحها.
أما حالياً، وبعد اصطدام المبادرة بالشروط والشروط المضادة، فقد لجأت واشنطن إلى فرض العقوبات مجدداً. وهذا يفتح الباب أمام المزيد من التنسيق على خط ممارسة الضغوط على القوى السياسية اللبنانية.
يُفترض بهذه العقوبات أن يكون لها تأثيرها على الوضع المالي في لبنان. والمسألة حضرت في اجتماع عون وحاكم مصرف لبنان. وخصوصاً في التداول بمشكلة مؤسسة القرض الحسن، والتي قد يؤدي نشاطها إلى مزيد من الضغوط المالية على المصارف اللبنانية من المصارف المراسلة.
عرقلة مفاوضات الترسيم
وجاءت زيارة السفيرة الأميركية إلى وزارة الخارجية اللبنانية للبحث في ملف ترسيم الحدود، بعد اتهامات أميركية للبنان بأنه عرقل المفاوضات مجدداً. وتؤكد مصادر متابعة أن السفيرة الأميركية تحمِّل لبنان مسؤولية تعطيل المفاوضات، وتعتبر أن التراجع اللبناني عن الاتفاق الذي حصل مع ديفيد هيل عرقل المفاوضات.
أما لبنان فيتهم أميركا في أنها تناصر إسرائيل بطروحاتها، وأن لبنان لا يريد التفاوض انطلاقاً من شروط معينة. وتؤكد المعلومات أن السفيرة الأميركية تعتبر ملف الترسيم أساسياً للبنان، وتأخيره لا يضرّ إسرائيل التي ستبدأ بعمليات استخراج الغاز، فيما يبقى لبنان منتظراً. وقالت السفيرة الأميركية إن بلادها مستعدة لإعادة إحياء المفاوضات، في حال قرر لبنان التصرف بواقعية. وأميركا حريصة على إنجاز هذا الملف.
المصدر: منير الربيع _ المدن