أوراق باسيل احترقت… فهل يغيّر حساباته؟
تفاقمت أوضاع لبنان الى وضعية لم يعد بالإمكان التعامل معها وفق المقاربات التي كانت معتمدة في السابق، وتقع مسؤولية ما جرى بالدرجة الأولى على النائب جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر المدعوم من حزب الله، لأنه يمسك بناصية الحكم في بعبدا كونه صهر الرئيس ووريثه السياسي، وهو اعترف بهذه الوضعية في مؤتمراته الصحافية، وفي البيانات الصادرة عن تياره والتي تحدثت عن رأي رئيس الجمهورية ومطالبه.
وأكثر من ذلك فقد عمد باسيل الى تعيين مستشاره انطوان قسطنطين مستشارا إعلاميا لرئيس الجمهورية ايضا، وفي هذه الخطوة تأكيد أن ما يصدر عن بعبدا يكون بمعرفة باسيل حكما، والعكس صحيح ايضا. وباسيل يعبر بطبيعة الحال عن النمطية السياسية التي يعتمدها الرئيس بالذهاب حتى النهاية في خياراته مهما كانت العواقب وخيمة، وهو عادة لا يصغي لنصائح الآخرين – بمن فيهم أقرب المقربين إليه – كما أنه على استعداد للتخلي عن أهم حلفائه وأصدقائه اذا فرضت مصلحته ذلك.
ويقول مصدر موثوق مطلع على تفاصيل حياة عون: إنه تجاهل حتى الذين ساعدوه بقوة وقدموا له منازلهم في بيروت وباريس عندما نصحه بعض هؤلاء بتغيير نهجه واعتماد مقاربة أكثر مرونة واحتراما مع الآخرين ومع بعض أهل بيته، لأن إنقاذ البلاد وإدارتها تتطلب المشاركة والتعاون مع الجميع، بصرف النظر عن الحسابات الشخصية، ولكنه لم يصغ لهؤلاء أبدا، بل تخلى عن صداقتهم، حتى أنه لم يسأل عن أحدهم رغم مرضه الشديد. ويقول المصدر ذاته: لقد أخطأ باسيل بالأصالة – وبالنيابة عن الرئيس – وتكاد أوراقه تحترق بأكملها، وتركته الثقيلة أغرقت البلاد بويلات يصعب معالجتها بوقت قصير. فهو فشل في الإصلاح، وفشل في الحفاظ على هيبة الدولة، وفشل في التعاون مع أصدقائه وحلفائه ومنهم حزب الله المستفيد الأول من سياسته، وفشل في تدمير الحريرية السياسية وتحميلها مسؤولية الانهيار وكذلك في منع الرئيس سعد الحريري من الحصول على تفويض نيابي لتكليفه بتأليف حكومة جديدة، وفشل ايضا في تحطيم مكانة الرئيس نبيه بري الذي اتهمه يوما بالبلطجي، وفشل في تحجيم وليد جنبلاط برغم كل الضغوطات والتحرشات الهائلة التي مارسها ضده، بما في ذلك في قانون الانتخاب، وفشل في الحفاظ على التواصل بالحد الأدنى مع سمير جعجع، وفشل في توفير الكهرباء للناس، وفشل ايضا في الحفاظ على صداقات لبنان الخارجية، وساهمت سياسته في محاصرة الدولة من قبل الأشقاء العرب لأنه غطى موقف حزب الله المعادي لهم، كذلك فشل في مقايضة مفاوضات ترسيم الحدود مع إسرائيل مقابل رفع العقوبات الأميركية عنه. وهو سقط بالضربة القاضية أمام صرخة البطريرك بشارة الراعي الذي سحب منه التوكيل الماروني، وقد رفض طلبه بالمشاركة باسم الرئيس في استقبال البابا فرنسيس في العراق. وباسيل يعيش أياما لا يحسد عليها أبدا، لأن اللبنانيين يحملونه مع حليفه حزب الله مسؤولية الضائقة المعيشية وخلق الفوضى المالية وإعلان إفلاس الدولة، وهو ما أدى الى انهيار القطاع المصرفي وهدد مدخرات المودعين.
وهم يحملونه ايضا المسؤولية عن الاختلال الأمني والقضائي الذي ينذر بكارثة إضافية إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه الآن، لأن تدخلهم في القضاء ومع الأجهزة الأمنية منع المحاسبة عن أي من مرتكبي جرائم الاغتيال وعن المسببين بكارثة مرفأ بيروت. بينما هم يتسلون بعناوين فضفاضة لتضييع الناس، ومنها الحديث عن التحقيقات الجنائية المالية وملاحقة حاكم مصرف لبنان. باسيل ومن يمثل، أمام تحد في غاية الدقة والخطورة، فهل يعيد النظر بركائز مقارباته السابقة، ويحافظ على ما تبقى؟
وبالتالي يفرج عن تشكيل حكومة المهمة وفق المبادرة الفرنسية لتتمكن من وقف الانهيار والحصول على الدعم الخارجي، خصوصا بعد سقوط كل التبريرات التي كان يتسلح بها، ومنها الادعاء بالحفاظ على هيبة مقام الرئاسة، او لمنع تهديد الميثاقية عن طريق استقالة الوزير الدرزي الوحيد اذا ما كانت الحكومة من 18 وزيرا، على أثر المواقف التي أعلنها البطريرك الراعي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط حول هذين الموضوعين.
المصدر: الأنباء الكويتية