إعلاميون موالون للأسد يفضحون فساد مؤسساته… صحوة بسبب الفقر؟
في تقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان، الجمعة، حول الانتهاكات بالجملة بحق ناشطين وإعلاميين موالين للنظام، كشفوا قضايا فساد بلغت 25 حالة، عام 2020، في مناطق سيطرة النظام السوري، تساءل المرصد ما إذا كان انتقاد الإعلاميين والناشطين الموالين للنظام، الفساد في مؤسساته، نتيجة صحوة بسبب الفقر؟ وعن الموضوع كتب الصحافي عهد فاضل في “العربية”:
انتقدوا فاعتقلوا
وكانت سلطات أمن النظام السوري، قد أفرجت عن الناشط يونس سليمان، صاحب صفحة “مواطنون مع وقف التنفيذ” الناقدة لأوضاع الفساد في البلاد، بعد توقيفه، على خلفية منشورات تفضح قضايا فساد ومسؤولين في النظام، في محافظة طرطوس التي ينحدر منها. وأقر محافظ المدينة، صفوان أبو سعدى، بمسؤوليته المباشرة عن توقيف الناشط، في حوار لإحدى الصحف المحلية الموالية، في 15 من الشهر الجاري.
إلى ذلك، فإن محافظة طرطوس التي توصف بأنها “أكبر محافظة فيها، فساد” بحسب بعض الناشطين، على وسائل التواصل، شهدت أوائل الشهر الجاري، توقيف فريال جحجاح، المفتشة السابقة في الرقابة والتفتيش، والتحقيق معها، بسبب نشاطها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتعبيرها عن دعمها لإحدى الصفحات الناقدة لفساد واسع في مؤسسات النظام.
وتوجهت صفحة “نور حلب” وهي إحدى الصفحات الناشطة على فيسبوك، والموالية للأسد، وتكشف قضايا فساد داخل مؤسسات النظام، بسؤال إلى رئيس النظام السوري إثر اعتقال فريال جحجاح: “هل ترضى يا سيادة الرئيس، باعتقال سيدة سورية، وقفت إلى جانب الدولة، وحافظت على أموالها، وحاربت رموز الفساد؟”، وقالت في المنشور العائد تاريخه إلى 13 من الشهر الجاري: “قسم الجرائم الإلكترونية في الأمن الجنائي بطرطوس، يعتقل السيدة فريال جحجاح، المفتشة السابقة في الرقابة والتفتيش. أهكذا يكون جزاء الشرف والاستقامة؟”.
موالون يهددون موالين!
وتتصاعد قضايا الكشف عن ملفات فساد، داخل مؤسسات النظام، في الآونة الأخيرة، وتأتي مترافقة مع عزم النظام على إجراء الانتخابات الرئاسية بعد خمسة أشهر، الأمر الذي يمكن أن يعرقل الصورة “الزاهية” التي يريد النظام تقديمها، عن مؤسساته، فقام ناشطون في الجهة المقابلة، بترهيب الناشطين الكاشفين لقضايا فساد تضرب مختلف أركان النظام.
وهدّدت الناشطة الموالية للأسد، ناشطين آخرين موالين له، إذا ما ألقوا الضوء على قضايا فساد، مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي: “من يريد إطالة لسانه، خاصة في هذه الفترة، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية السورية، سأقول له كلمتين: أنت بحجة مكافحة الفساد، أكبر فاسد” متوجهة بشتائم لصفحة “مواطنون مع وقف التنفيذ” وسبق لها، وتهجمت على المفتشة السابقة في الرقابة والتفتيش، فريال جحجاح، الأخيرة التي ردت عليها على حسابها الفيسبوكي: “يا عيب الشوم على سيدة تشهّر بسيدة مثلها”.
تقدما بملف فساد فاعتقلا
من طرطوس، على البحر المتوسط، إلى حلب في الشمال، فقد قامت أجهزة أمن النظام، وفي شهر كانون الثاني/ يناير الحالي، باعتقال الصحافي الموالي للنظام، وللمرة الثانية بعدما كانت اعتقلته في شهر آذار مارس 2020، وضاح محيي الدين، مدير مكتب مجلة “بقعة الضوء” في حلب، بسبب منشوراته التي كشفت سراديب فساد صدمت القطاع التجاري في المحافظة، خاصة دور أجهزة الجمارك التابعة للنظام، في “الإغارة” على الأسواق، وعمليات السطو التي مارسها عناصر الجمارك، بحق محال التجار، في الأيام الأخيرة.
وشهدت محافظة اللاذقية، اعتقال ناشطين موالين للأسد، في شهر أيار/ مايو من عام 2020، إلا أن الناشطين وائل علي وزوجته ندى عدنان مشرقي، لم يكشفا عن أسباب اعتقالهما، إلا في أوائل العام الجاري.
وقال الناشط وائل علي، في فيديو رفعه على “شبكة أخبار اللاذقية. ندى عدنان مشرقي” وهو موقع إخباري أسسه وزوجته الناشطة الإعلامية، ويحررانه من اللاذقية، إن اعتقاله وزوجته، جاء إثر بلاغ كيدي من أحد مسؤولي المؤسسات التابعة للنظام، وأنهما اعتقلا مدة 18 يوماً، وبتهمة “المس بهيبة الدولة” بعد كشفهما ملف فساد، قد سبق وتقدما به إلى إحدى الجهات الأمنية للتحقيق فيه، إلا أن النتيجة كانت، اعتقالهما.
صحوة بسبب الفقر؟
وعلى الرغم من أن رئيس النظام السوري، كان تحدث في خطاباته الأخيرة، عن فضح الفساد ومكافحته، إلا أن الناشطين الموالين له، يتعرضون للاعتقال، بمجرد نشر ملف فساد، حتى لو كان في صحيفة تابعة لحكومته.
فقد اعتقل أمن النظام السوري، أواخر العام الماضي، الصحافي كنان وقاف، بسبب فضحه قضية فساد، في كهرباء محافظة طرطوس، كان سبق ونشره في صحيفة “الوحدة” التابعة لوزارة إعلامه.
واعتقل أمن الأسد، في ذات الفترة، في اللاذقية، المهندس والناشط، غسان جديد، إثر نشره ملفات فساد، بالصور والوثائق على حسابه الفيسبوكي. وجديد هو من أبرز الناشطين الموالين للنظام، بكشف قضايا الفساد.
في غضون ذلك، يعتبر مراقبون أن ملفات الفساد تطرح في سوريا، في الفترة الأخيرة، كتمهيد لترشح الأسد في الانتخابات الرئاسية، وتصويره على أنه نموذج الحرب ضد الفساد في البلاد، إلا أن توسع الكشف عن الفساد، في غالبية مؤسسات حكومته، أعطى مفعولا عكسيا، بحسب مراقبين، لأن “فضح” حال مؤسسات نظام بالكامل، وكشفها بحالتها “المزرية” فساداً وانهياراً، لن يكون “في صالح الأسد” فتم الضرب “بيد من حديد” على كل يد ولو كانت موالية للأسد نفسه، إذا توسعت بالإشارة إلى موضوع الفساد.
وتساءلت مصادر، منها ما ذكره المرصد السوري لحقوق الإنسان، الجمعة، حول الفقر والحالة الاقتصادية الخانقة التي تمر فيها، مناطق سلطة الأسد، هل أدت إلى ما يشبه “الصحوة” لدى إعلاميين وناشطين موالين للنظام فبدأوا ينتقدون الفساد داخل مؤسساته، فكان مصيرهم الاعتقال والتوقيف.