الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم تعلن رسميّاً لبنان بلداً مُحتلّاً وتدعو لتشكيل تحالف إغترابي لبدء التحرير
احتفلت الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، بالتنسيق مع المركز اللبناني في المكسيك Centro Lebanés بالحفلة الختامية لسلسلة المحاضرات حول مئويّة لبنان الكبير، والتي استمرت لأسابيع عديدة، وتخللتها مداخلات لمحاضرين من مختلف القارات، وباللغات المعتمدة في الجامعة، أي العربية، الإنكليزية، الفرنسية، الإسبانية والبرتغالية، وتطرق فيها المحاضرون لرؤيتهم النقدية التاريخية والفكرية والسياسية والوطنية حول ما آلت إليه الأوضاع في لبنان بعد الانهيار الشامل على مختلف الصعد، ونظرتهم حول واقع ومستقبل الوطن.
والجدير بالذكر أن المحاضرات اختتمت بمداخلتين، واحدة من سيادة مطران كندا للموارنة بول مروان تابت، وأخرى لسماحة المفتي الدكتور مالك الشعار.
ففي ٢١ تشرين الثاني كانت الحفلة الختامية التي شارك فيها سعادة سفير لبنان في المكسيك سامي نمير، ومسؤولو المركز اللبناني في مكسيكو سيتي، ومسؤولو الجامعة من مختلف القارات، وحيث كانت هناك مداخلات عديدة، فتحدث كلٌّ من الأمين العام العالمي روجيه هاني، الرئيس القاري لأوروبا سعيد يزبك، الرئيس القاري لأستراليا ونيوزيلاندا الرئيس العالمي الأسبق ميشال الدويهي، الرئيس العالمي الأسبق أنيس كارابيت، الرئيس القاري لأمريكا الشمالية خليل خوري، الرئيس القاري لأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي خوسيه سيغي، ممثل الجامعة لدى المنظمات غير الحكومية التابعة للأمم المتحدة إيلي جدعون الذي قدم تقريراً عما تقوم به الجامعة مع المنظمة العالمية من أجل لبنان، كذلك تحدث من مكسيكو الرئيس العالمي الأسبق بشارة بشارة، وذلك في لقاء إفتراضي تابعه الآلاف من المغتربين ومن لبنان، وانتهى على وقع الموسيقى اللبنانية.
ولقد كان البروفيسور نبيه الشرتوني، منظم الحفل، قد ألقى كلمة شكر فيها كل من شارك، إنْ عبر المداخلات، أو الأسئلة، وحتى المتابعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأثير الليبانون تايمز في هيوستن، وحيث تخطت المشاهدة خمسا وأربعين ألف شخص. والجدير بالذكر أنَّ السيد بول مبارك، بالاشتراك مع فريق تقني من المركز اللبناني أشرفوا على البث المباشر للحفل الذي انتهى بتوزيع شهادات تقدير موقعة من الجامعة ومن المركز على كل المحاضرين.
وفي الختام، تحدث نائب رئيس المركز اللبناني السيد ميشال خوري، تلاه خاتماً الرئيس العالمي للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم ستيفن ستانتن من سدني عن وثيقةٍ وموقفٍ تاريخيين يتعلقان بواقع لبنان، مُعلناً لبنان بلداً مُحتلاً، ودعا إلى تشكيل تحالف إغترابي ولبناني لبدء تحرير لبنان، وإليكم نصَّ البيان الذي وقعه الرئيس ستانتن، والذي سيُبلغ للفعاليات الاغترابية والوطنيّة، وخاصةً للأمين العام للأمم المتحدة، وإليكم نص البيان:
إنَّ الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم،
انطلاقاً من مسؤولياتها الوطنية كمؤسسة إغترابيّة غير حكومية عمرها يزيد على الستين سنة،
ومن كونها حركة ضميريّة تسهر على سيادة لبنان واستقلاله، وتدافع من خلال وجودها في المغتربات مع حكومات دول الإقامة عن حقوق لبنان بالحريّة والاستقلال،
وتدافع أيضاً عن حقوق اللبنانيين، مقيمين ومغتربين، بالعيش الحر الكريم في ظل حكم القانون، انطلاقاً من شرعة حقوق الإنسان التي شارك لبنان، وبفخر، في وضع شرعتها الدوليّة،
وبعد استمرار المجموعة الحاكمة بتجاهل مطالب الشعب اللبناني المُحِقَّة، وبعد تقييم ما يحدث في لبنان، تعلن ما يلي:
إنَّ الثورة اللبنانيّةَ التي انطلقت في ١٧ تشرين الأول سنة ٢٠١٩ بوجه منظومة الفساد تبقى هي نبراس رؤيانا لواقع لبنان المرير، والشعلة التي تضيء نضالنا الاغترابي. وإذا كانت جائحة كورونا، والانهيار الاقتصادي والمالي الذي أفقر اللبنانيين، بالإضافة إلى القمع الأمني وتركيب الملفات للثوار، واختراق الثورة عبر المشاغبين من قبل أزلام السلطة لتشويه صورتها، إذا كان كلُّ ذلك قد خفَّفَ من وهجِ التحركات الشعبيّة والمطلبيّة، فليكنْ معلوماً أنَّ هذه الثورة طرحت قضيّتها بقوّة، محليّاً وعالميّاً، ولن ينفع المنظومة الفاسدة أيُّ التفافٍ خبيثٍ لاكتساب براءة ذمّة.
إنَّ تحالف منظومة الفساد بادٍ للعيان في طريقة أربابه لتحوير المبادرة الفرنسية عبر التسلل لاستعادة المحاصصة، فهؤلاء، بالرغم من الاختلافات السياسيّة فيما بينهم، يجمعهم أمرٌ واحد: الفساد. تقاسموا نهب أموال اللبنانيين، مقيمين ومغتربين، وأموال الدولة التي دفعها المُكلّف اللبناني، أو أُعطيت من قبل الدول والمؤسسات المالية الدولية كهباتٍ أو قروض، فلا عجبَ نراهم يتحالفون على الشعب اللبناني لا من أجله، لأنهم كأحجار الدومينو: إذا سقطَ أحدُهم سقطوا جميعُهم.
إذا كان الاحتلال السوري عاملاً أساسيّاً في خلق منظومة الفساد هذه لخدمة النظام السوري وأزلامه السوريين واللبنانيين، فلقد كان الجلاء العسكري السوري سنة ٢٠٠٥ بارقةَ أمل للإصلاح، ولكن وللأسف، أخفقَ اللبنانيون في انتهاز الفرص المحلية والدولية في تثبيت الاستقلال، لا بل، وهذا الأدهى، استُبدِلَ الاحتلال السوري باحتلالٍ إيراني أدهى، لأنّه مُبطّن، وتحت عناوين وطنيّة كالمقاومة لإسرائيل عبر أداته العسكريّة حزب الله.
لكي يتسنى لإيران السيطرة على لبنان أوكلت لأذرعها حمايةَ الفساد والفاسدين، لبناء أكثريّة وهميّةٍ عبر الانتخابات اللبنانيّة بحماية السلاح، شرعّت التدخل الإيراني، وجعلت من لبنان لاعباً إقليميّاً يُعادي العرب، والعالم الحر من جهة، وأطبقت على الحياة السياسية والوطنية بكل مفاصلها، فانهارت الدولة على مختلف الصعد، وانهار النظام المصرفي الذي وُضعَ بخدمة الاحتلال المُقنّع فأضحى عُرضةً للعقوبات الدوليّة.
إنَّ الناظر إلى واقع لبنان اليوم، يدرك أنه أضحى ورقة بيد إيران تستعملها كما تشاء، فالدولة لا تملك قرار الحرب والسلم، لا بل غرق لبنان في الحروب والتدخلات الإقليمية في اليمن ودول الخليج والعراق وسوريا، لا بل تنازلت سلطات الدولة للاحتلال الإيراني عن السياسة الخارجية بعد أن تنازلت عن الأمن له، وخير دليلٍ على ذلك مفاوضات ترسيم الحدود التي فتحها ممثلوهذا الاحتلال في لبنان في مُخالفة واضحة للدستور الذي أناط برئيس الجمهورية، وبالتنسيق مع رئيس مجلس الوزراء، صلاحية إجراء المفاوضات حول الاتفاقيات الدوليّة.
وإذا كانت السلطتان: التشريعيّة والتنفيذية، قد أصبحتا رهينةً وألعوبةً بيد إيران، فإنَّ السلطة القضائيّة لم تسلم من الاحتلال، فهي تشكو من الفساد، ومن تدخّل السلطة السياسيّة الفاسدة في أمورها، مما حرمَ، ويحرم اللبنانيين الأملَ في إحقاق العدل.
وحدها السلطة الرابعة، أي الصحافة والإعلام، وبالرغم من الأقلام المأجورة، تبقى مُقدِّمةَ الشهداء على مذبح الحرية، ومرآةً للبنان الذي نشأ على تشبُّثهِ بحرّية الرأي، ولن يطالَ من حرِّيتِهِ ظلامُ دكتاتوريات الشرق. فالقلمُ الحر هو الأمل المتبقي في معركة اللبنانيين المستمرة من أجل الشفافية والاستقلال.
إنَّ الوضع اللبناني اليوم شبيهٌ إلى حدٍّ بعيد بواقع لبنان قبل إقرار القرار الدولي رقم ١٥٥٩: لبنان مُحتل، دولته مرهونة، زعماؤه، إما فاسدون، وإما مُهدّدون، أو منفيّون ومسجونون، فقد تكون منفيّاً أو مسجوناً وأنت في قصرك، أو بيتك، أو مركز حزبك، لأنك مُحاصرٌ من منظومةٍ تُخيِّرك بين الاشتراك في السلطة وغضِّ الطرف، أو العزل، لا بل التهديد بالتصفية الجسديّة.
للأسباب الموجبة التي ذكرناها آنفاً، وهي غيض من فيض، ولإيماننا بأنْ لا تغيير مُرتجى في لبنان قبل رفع اليد عن لبنان، نعلن ما يلي:
أولاً): إنّ الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم تعلن للبنانيين ولشعوب ودول العالم الحر رسميّاً إنَّ لبنان بلدٌ مُحتلّ.
ثانياً): نحن نعتبر، من الآن، أنَّ معركة تحرير لبنان قد بدأت، معركة سلميّة حضارية عبر تضامن اللبنانيين والضغط على دول القرار لإنهاء الاحتلال.
ثالثاً): على الأمم المتحدة، التي نحن عضوٌ في مجموعة المنظمات الغير حكومية المُنضمّة إليها، وعلى المجتمع الدولي تنفيذ كل القرارات الدولية المتعلقة بلبنان، وترسيم حدود لبنان، ليس البحرية فحسب، بل البريّة أيضاً مع كل من إسرائيل وسوريا لإنهاء انتهاكاتهما لسيادة لبنان، وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين المستمرة عبر العودة، وإعادة النازحين السوريين إلى مناطق سوريّة آمنة برعاية دولية.
رابعاً): إنَّ الجامعة تدعو الأفراد والمنظمات الاغترابية كافةً للانضمام لهذا التحالف، خاصّةً في دول القرار، ولقد بدأت الجامعة بالفعل حواراتٍ جادةً ومثمرة مع الكثيرين في هذا الصدد، وهي بصدد استكمال هذه الاتصالات.
كما تدعو المقيمين من أفرادٍ ومنظمات، إلى الانضمام لهذا التحالف الذي نريده عريضاً مستقلاً.
خامساً): نحن نناشد المغتربين، وهم المتحررون من الاحتلال المُبطّن، فلا يغريهم ترغيب، ولا ينال منهم ترهيب، أن يتكاتفوا معنا لتحرير لبنان من الاحتلال، عبر الضغط لتنفيذ كل القرارات الدولية المتعلقة بلبنان، لأنَّ هذا التحرير هو بوّابة العبور إلى لبنان الحديث، لبنان العدل الاجتماعي لكل أبنائه، لبنان القابض على قرار الحرب والسلم، لبنان القضاء المستقل القادر على مكافحة الفساد واستراجاع أموال لبنان واللبنانيين المنهوبة من المنظومة السياسية الفاسدة، لبنان الجامعات العريقة، لبنان مدرسة الشرق ومستشفاه، لبنان المُنزّه من عصابات الجريمة المُنظمة، لبنان الحياد الإيجابي، صديق الشعوب، والعضو الفاعل في العالم العربي وفي العالم.
وفي الختام، وبعد تقييمنا لسياسيي لبنان الذين دفعوا الوطن للركوع على ركبتيه مُطأطئاً الرأس، لا يسعنا إلا أن نستذكر يوليوس قيصر حين قال: ” من الأسهل أن تجدَ رجالاً مستعدين للموت على أن تجدهم يصبرون على تحمل الأوجاع”.
حمى الله لبنان وشعبه.
المصدر: صوت لبنان