آخر أدوات النصب… تسديد الأجور من ودائع اللبنانيين!
تعاميم خنفشارية
حين “تتشقلب” كل المسائل وتُصبح اللقمة “مش إلك” وصحتك “مش إلك” وعرق جبينك “مش إلك” ووطنك “مش إلك”، تكون لبنانياً هائماً في متاهات “قليلي الضمير” الذين يغرزون الخنجر تلو الآخر في أبدان المواطنين وقلوبهم وأرواحهم! فها هم “قليلو الضمير” يتابعون نهش الأجساد عبر “بلع” ما إئتُمنوا عليه من ودائع من خلال احتساب مصاريف جديدة على الأموال المحجوزة، والتفتيش الدؤوب عن سُبل متطورة يسلبون بها مال العباد… فهل على المودعين ان يتلقوا الخناجر أم ردها؟ وكيف يُحسنون تصويب الردود في الاتجاه الصحيح؟
“حضرة الزبون نحيطك علماً ان مصاريف الحساب الشهرية قد بدأ اقتطاعها من كل الحسابات مهما كان عددها وبكافة العملات”… قرارٌ صدر منذ شهر، عن بنك سوسييته جنرال، تبعته جملة قرارات من كل المصارف التي تحذو حذو بعضها وتلتقي على “خراب بيوت العالم”. وبات، على سبيل المثال لا الحصر، مطلوباً ممن لديهم حساب مصرفي في مصرف ما موصول بحساب للأموال التي سموها طازجة “فريش ماني”، أن يدفع المودع في بنك عودة مثلاً خمسة دولارات على الحساب الأساسي وثلاثة دولارات على حساب “الفريش”. وهكذا دواليك، فبنك بيروت على سبيل المثال أيضاً لا الحصر قرر، بعد تعميم مصرف لبنان رقم 573 القاضي بتقنين سحوبات الدولار بالليرة اللبنانية، فتح حسابات لبنانية لكل المودعين بالدولار. القرار إجباري. والنتيجة إحتساب كلفة شهرية إضافية على الحساب باللبناني. وتكرّ السبحة. فمن نراجع؟ الدولة؟ في كوما. النواب؟ المصرف المركزي؟ جمعية المصارف؟ أو مصرفنا مدى الحياة؟ كلهم مشتركون في الفساد. فلنسأل رابطة المودعين، عساها تملك إجابات عن سبل المواجهة.
ترميم الثقة بالمصارف صعب جداً
عضو رابطة المودعين في لبنان هادي جعفر يتحدث عن خط ساخن تتلقى الرابطة عبره الشكاوى وكم هي كثيرة ويقول: “تحاول المصارف في لبنان حالياً الحصول على مصاريفها التشغيلية وأجور العاملين فيها عبر فرض خسائر إضافية على المودعين، وهذا دليل قاطع انها ترفض ان تتحمل اي خسائر، علماً انه لا يحق لها بحسب تعميم هيئة الرقابة على المصارف فرض عقوبات بلا مبررات قانونية على المواطنين. وهذا كله يدعونا مجدداً الى الانتفاضة على القرارات الجوفاء”.
المصارف تبحث “بالسراج” عن سُبُل بقائها غير مبالية بحقوق وبقاء العامة. وكل مودع يراجع اليوم الرسوم المفروضة على حسابه يكتشف حروفاً غير مفهومة تُدوّن الى جانبها دولارات احتسبت من “مصرفه الكريم” كنفقات متوجبة على حسابه. إحداهن تملك بطاقة “ويب كارد” بالدولار، من مصرف بيبلوس، كانت تستخدمها في إجراءات الحجز والسفر ومنذ عام وشهرين توقفت إمكانية الإستفادة منها، بسبب التعاميم المصرفية “الخنفشارية”. اتصلت في تشرين الأول بالمصرف طالبة توقيفها، فسحب المصرف كلفة البطاقة لسنة 2021 وأوقفها معللاً أن المبلغ استحق في ايلول. ولكن، البطاقة لم تعد تنفع بشيء؟ فقدت البطاقة بقرار من المصرف هدفها فكيف يتقاضى المصرف نفقات بطاقة لا تعمل؟ لا أجوبة منطقية في قطاع مصرفي فقد كل المنطق والثقة.
لا عملة وطنية ولا صعبة
نعود الى هادي جعفر لسؤاله عن كل هذه الرسوم التي تفرضها المصارف من غير وجه حقّ؟ يجيب “يفرضون الرسوم ويرفعون أيضاً العمولة على القروض التي تُسدد بالعملة اللبنانية، مع العلم بوجود تعميم من لجنة الرقابة تمنع فيه فرض عمولات غير مبررة قانونياً. فرنسبنك مثلاً فرض عمولة 18 في المئة على القروض التي تسدد بالعملة اللبنانية، يعني يدفع المقترض 18 دولاراً على كل مئة دولار يسددها. وكل المصارف حذت حذوه”، ويشرح: “طالبني مصرفي بسداد السند مرفقاً بالعمولة ففعلت وثبّت الطلب والفعل بوصلٍ وحضّرت كتاباً باسمي الى البنك سألته فيه عن التبرير القانوني لفعلته. وأنوي متابعة هذا الفعل قانونياً وقضائياً. وهذا ما يفترض أن يفعله كل المقترضين والمودعين. كل المصارف انطلقت في فرض عمولات لا تستحقها. هو نصبٌ في شكل عمولات. و”النصاب” مستعد أن يفعل كل شيء إذا لم يجد من يواجهه”.
لعلّ القاعدة الأولى في المواجهة تقتضي اعتبار سرقة دولار واحد، واحد فقط، تحت مبررات فارغة، أمراً غير مسموح. من هنا تنشط رابطة المودعين في حثّ من أودعوا جنى العمر في المصارف على اتخاذ قرار المواجهة لاستعادة أموالهم المنهوبة. وهذا القرار يفترض أن يتخذ قانونياً وقضائياً بقرار من المودعين بنفسهم، فرداً فرداً. فالرابطة لا يمكنها أن تتحرك باسم المودعين إذا لم يتحركوا أولاً بأنفسهم. المواجهة مطلوبة. ثمة عمولات تفرض بعشوائية هائلة من المصارف. وثمة قرارات تتخذها على حساب المودع. أحد المودعين غادر البلد وفي حسابه المصرفي 27 ألف ليرة وحين عاد وجد المصرف قد أقفل حسابه لأنه لا يضع فيه المال. غضّ النظر؟ بالطبع لا، بل قرر أن يواجه بدءاً من سؤالهم عن مصير الـ 27 ألفاً التي كانت في حسابه. وهو سيفعل ذلك بمساندة الرابطة. المواجهة قضية مبدأ.
لن ندفع الثمن
أمرٌ آخر يفترض أن يتنبه له المودع اليوم، بأن يرفض طلب مصرفه التوقيع على أوراق جديدة، بحجة تجديد العقد الثنائي، لأن ما لوحظ في الفترة الأخيرة أن العقود المصرفية تغيّرت في مصارف كثيرة بين 2016 و2019، فالمصارف راحت تستدعي عملاءها بحجة تجديد العقد حين شعرت أن الأمور تتأزم أكثر، والمودع لا يقرأ عادة. فثقته كانت عمياء بمصرفه. والآن تقوم بعض المصارف بطلب التوقيع على عقود أيضاً متغيرة لتتماشى مع نواياها السيئة باستكمال سرقة أموال الناس. فالمصارف كانت تعرف من زمان وزمان الى أين هي متجهة.
المصارف “تتعب” لكثرة ما تُرهق نفسها في البحث عن سبل جديدة لفرض عمولات إضافية على المودع. والظاهر أن مخيلتها واسعة جداً وهي لا تزال حتى اللحظة غير معترفة بأخطائها، بل تبحث عن “شماعات” تُلقي عليها أخطاءها وكل ما اقترفته أيديها. وكل ذلك بكيدية هائلة.
ثمة مودعون كثيرون يرددون أمام أبواب المصارف “الله يبعتلكم مرض السرطان وكورونا” لكن هل هذا يكفي؟ جواب رابطة المودعين: لا، فخطة العصابة المالية والسياسية كانت ولا تزال ممنهجة في سرقة أموال الناس ومواجهتها يفترض أن تكون أيضاً ممنهجة. ثمة لجنة محامين مشكلة من 18 محامياً مستعدة لإرشاد ومساندة كل أصحاب الملفات من دون أي مقابل. فليواجه المودعون أي احتيال متجدد من الطغمة المصرفية “لأن من لم يشبع من كل أفعاله المشينة لن يقف يوماً عند حدّ قبل التهام كل ما يراه أمامه”.
جمعية المصارف مشاركة
لا حقّ يضيع وراءه مطالب. مقولة ما عاد يصدقها لبنانيون كثر. لكن، الإنكفاء اليوم معناه الخسارة النهائية. فلا تقبلوا بعمولات غير قانونية تفرض على دفع قروضكم بالعملة اللبنانية. فهذا غير قانوني أبداً. المطلوب اليوم، أكثر من أي يوم، جعل الملفات “تشتي” على القضاء ووضعه أمام مسؤولياته حتى لو كنا نؤمن أن ليس كل القضاء نزيهاً. مطالبة الكثيرين بنفس الحقوق، من خلال دعاوى فردية، سيدفع القضاء حكماً الى اتخاذ قرارات صحيحة.
هناك من يسأل الآن: ماذا أفعل إذا رفض المصرف تقاضي قيمة القرض من دون العمولة الإضافية؟ هناك، في رابطة المودعين، ينبهون الى المسار: “رفع الدعوى يحفظ الحق. والإيفاء بالعملة المحلية لا يقبل أي ردود سواء أكان القرض لشراء سيارة أو شخصياً او تجارياً. التسديد يكون في كل هذه الحالات على السعر الرسمي 1507 ليرات لبنانية. القانون لا يميّز أما هم إذا ميزوا “فليصطفلوا”. فليودع الدائن القيمة المتوجبة على شكل شيك مصرفي عند كاتب العدل، وليبلغ المصرف بما فعل، فإما يقبله أو يرفضه وذلك خلال عشرة أيام، فإذا لم يجب برفض صريح فيجب عرض نزاع قانوني. فليفهم كل المودعين القانون لأنهم يتعاملون اليوم مع “نصابين”.
أكلوا ماله وعرق جبينه
القرض دين وأي دين يُردّ بعملة الإيفاء والإبراء بالليرة اللبنانية. أما الوديعة فتردّ بنوعها. هذا هو القانون أما هم فحاولوا التسويق بأنهم يخدموننا بإعطائنا العملة الأجنبية بالليرة اللبنانية. هرطقات هائلة يعيشها اللبنانيون من قطاع مصرفي لن يتمكن من استعادة الثقة، جراء ما فعل ولا يزال، الى أمد بعيد جداً.
راقبوا حساباتكم المصرفية. ثمة سرقات تُرتكب حالياً من دون أن تشعروا أو تحت مبررات كثيرة. فلا تقبلوا. إرفضوا. وتذكروا دائماً أن لا حل ثالثاً فإما الإنكفاء أو المواجهة. والمواجهة لا تزال ممكنة بالقانون.