ولكي تكون عليك ألا تكون . (بقلم عمر سعيد)
#ولكي_تكون_عليك_ألا_تكون.
في ليبيا علمان اثنان، وفي سوريا علمان اثنان..
وفي لبنان علم واحد، لكنه بعدة أعلام، ترفرف في ظل علمين اثنين.
الأمر بسيط في هذا الشرق، ولا يحتاج إلى كثير من التفسيرات..
إنه منطق الله وإبليس، منطق الأسياد والعبيد، منطق معنا أو معهم..
فلكي تكون عبداً متميزاً عليك أن تختار سيدك بعناية، وتختار السوط الذي يجلدك بعناية تليق بظهرك.
ولا يعني هذا أن باقي الأقطار العربية، أفضل حالاً وإن كانت بعلمٍ واحد..
لأن قضية العلمين والسيدين متوفرة فيها، ولكن تحت سقف العلم الواحد والسيد الواحد، بأجنحة وأذرع ومحسوبيات.
وكم من علم واحد تحته علمان اثنان وأكثر !
هكذا هو عالمنا الشرقي، إذ لا يمكنك أن تؤمن ولا تصلي، لأنك ستكون إبليسياً ..
فلا يمكنك أن تؤمن وتصلي، وأن تعارض إبليس، لأنك ستكون عندها سلفياً متطرفاً.
ولا يمكنك أن تؤمن بالإنسان بلا سيد، لأنك في تلك الحالة تدعو إلى نهاية الاستقرار ونشر الفوضى.
ولا يمكنك أن توالي سيداً لأنك تكون قد سلمت بعنق الحرية.
في هذا الشرق أنت لست مخيراً، ولست مسيراً.
أنت محير..
محير بين صمت يقضي عليك بانفعالاتك الداخلية المتفجرة، وبين صوت يقضي عليك بما يخرج من فيك مفجراً رأسك.
وأسوأ ما عرفناه في هذا الشرق عبارة :
” حق القوة”
ذلك الحق الذي أتى به السيف عبر التاريخ، وظلت تأتي به البندقية والمدفع والدبابة.
هذا الحق الذي يفرز الناس بين خيارين لا ثالث لهما إما أن يقطع رأسك هنا، وإما أن يقطع رأسك هناك.، لأنك عميل هنا، وخائن هناك، وبالتالي أنت ميت ميت.
وعليك أن تتعلم العنف وتؤمن به، وتحدد الخندق الذي تمارس فيه عنفك، وعليك أن تختار أي العنفين تفضل عنف السلاح أو عنف الكلمة، ولا يتبقى إلى إحصاء الضحايا.
حتى ثورة ١٧ تشرين، راحت تجعل الناس أمام خيارين اثنين أيضا :
إما ترفع شعار ” كلن يعني كلن ” وإما تخرج من ساحاتها.
إذا لا مسار ثالث لمن لا يملك يداً ترفع علماً، ولا مكان لمن لا يقدم عقيرته لسيد يجلدها.
ولا محل لأولئك الذين يؤمنون بوطن بلا سيد وبلا عبد..
أولئك الذين يؤمنون بكوكب بلا الله وبلا إبليس، وبحياة بلا خير وشر لهما هوية البشر.
وسيظل كثيرون في لبنان والشرق ضحايا شرق وغرب، ضحايا أوطان و آلهة ورايات، ضحايا إصبع تهدد، واصبع تبعص مؤخراتهم.
وكأننا لا يمكن إلا أن نكون أو لا نكون.. ولكي تكون عليك ألا تكون.
عمر سعيد