عباءة بكركي (بقلم عمر سعيد)
ليست عباءة بكركي مجرد عباءة دينية، بل إنها عباءة وطن بحجم تاريخ الإنسان فيه.
عباءة بكركي عباءة المُثل التي تليق بالمتمسكين بجذورهم.
هي العباءة التي أطعمت في زمن الجوع، وآوت في زمن الخوف، و واجهت في زمن الهزائم.
هي عباءة حِيكَت بصنارة من عظام قديسين على قدر السماء.
عباءة خاطتها جلود شهداء؛ ما غافلوا وجه الوطن إلا لحظة السقوط لأجله.
عباءة طرزتها ألف ألف عفيفة في رهبانية الحب الإلهي.
عباءة ما مالت يوما عن الحق والإنسان والوطن.
حيادها من حياد الله تجاه خلقه، يفضل الخيّر لفعله في الناس، ويمهل الشرير لأعماله التي تأكله.
عباءة بنعومة أكف الطفولة البيضاء تسابق الفراش إلى الضوء، وبخشونة أكف فلاح، ما أفلتت قبضته عن عصا منكوشه يوماً.
عباءة بروح غيمة تمطر الأرض صلاة..
غيمة آمنت بحياة دودة في جوف صخرة، كما آمنت بحياة زهرة على ساق شجرة عند السفوح.
غيمة تعانق النهر والبحر والصحارى والإنسان والحجر.
إنها العباءة التي بشرت برسول الصحراء، مذ كان طفلا في البراري.
إنها عباءة الذين ما كتموا الحق، ولا استبدلوا الليل بالنهار.
إنها عباءة عرب السواد، ينصورن المثنى وسعد لجعل النار ما وراء محبة الإنسان.
إنها عباءة أجداد جعلوا الكهوف قصوراً، يأوي إليها الله إذا ما أوكلهم رفع البلاء.
إنها عباءة بشير وشمعون وداني وطوني وبيار ورفيق وجبران ومروان ومحمد ووليد ووسام ووسام..
عباءة جنود ما عادوا إلا أهلهم بغير برقيات القيادة، تزف أخبار وصولهم إلى السماء.
إنها عباءة مئات الأجراس والمآذن، تهلل الله في كل صبح ومساء.
إنها عباءة اللبنانيين الذين ما كانوا ليزول الوطن.