لبنان

الصيف فصل فاصل . (بقلم العميد الركن المتقاعد يعرب صخر)

 

بمتابعتنا لتلاحق الأحداث منذ مطلع السنة وحتى الآن، نلمس توجهات حازمة وإصرار أميركي على تنفيذ أجندات وخطط مرسومة، يقابلها عناد من الطرف الآخر وتضاد حاد مع الروسي والصيني واستتباعا” الإيراني.

حتى الآن لا نرى سوى الدبلوماسية الصلبة من كل الأطراف، وحيالها يبدو أن الأمور تتجه نحو فرض تغير جيوسياسي شرق أوسطي، يبدأ في قص أجنحة إيران عبر إقصاىها من سوريا وإضعافها في العراق لعزل نفوذها في لبنان… وقد يتطور إلى نزاع مع روسيا التي منذ بضعة أيام عقدت دفاعا” مشتركا” مع الصين في إشارة يجب التوقف عندها.

لكن بدا أن الثابت الآن هو التعامل الأميركي الجدي والصارم مع إيران لطرها من الشام والفرات، برضى روسي وعدم اكتراث صيني، مبدئيا”… وما يجري على أرض الواقع دلائل حية على ذلك، بدأت بتصفية سليماني، واكبها وتلاهها حزمة العقوبات الصارمة، ثم مترتبات قانون قيصر، تبعها الانفجارات اليومية الغامضة في ايران، والضربات الإسرائيلية الموجعة المتكررة على الحرس الثوري وتوابعه في سوريا، إلى جانب الخلاف المتصاعد بين الجيش السوري والفصائل الإيرانية أهمها في منطقة القصير معقل حزبللا والزبداني ودمشق وغيرها، والحشود السورية على الحدود مع لبنان ونشاط طرق التهريب لحزبللا…

وفي لبنان، بدأت تتساقط أوراق حزب إيران والممانعين بفقدانهم المبادرة وزمام الأمر والقدرة على ابتداع المخارج، في ظل فشل غير مسبوق لنهجههم عبر حكومتهم القاصرة ورئاستهم المترهلة ومراهقتهم في السياسة الإقتصادية -الإجتماعية والمالية، ونظرتهم البالية في العلاقات الإقليمية بتنفير العرب، والدولية بالقطع مع الغرب الغني والوصل مع الشرق غير المستقر.

بهذا؛ ومع كل ذلك؛ بدأ الثوران في لبنان يطرق أصل الأزمة بجرأة: السلاح اللاشرعي والدويلة التي اجهضت الدولة، وأن لا خلاص إلا بدعوة المجتمع الدولي للتطبيق الفعلي للقرارات الدولية لا سيما ١٥٥٩ و ١٧٠١ و ١٦٨٠ التي ترعى إنهاء سطوة السلاح اللاشرعي وتمكين الجيش اللبناني من الإنتشار والتسيد على كامل تراب الوطن ومسك حدوده بالكامل. وهذا ما حفز الصرح البطريركي على الجرأة لإعلان موقف الحياد بتشجيع بابوي.

توازيا”؛ لا يفوتنا أن ترامب يفصله هذا الصيف عن نهاية ولايته، والذي أثبت أنه ماض في تنفيذ كل ما قرره، خاصة” الملف الإيراني، وعزمه الواضح على جر إيران للتفاوض بشروطه أو قصم ظهرها، والملالي إلى الآن ماضون في راديكاليتهم واستكبارهم. لذلك ترامب ليس أمامه إلا إنهاء ولايته بنجاح كي ينتقل بثقة إلى ولاية ثانية ويبدو أنه ضامنها بغياب المنافس “الديموقراطي” الوازن. وحتى لو لم يقدر له النجاح للولاية 2 فأميركا أصبحت بوجهيها الجمهوري والديموقراطي ملزمة بعقيدة الهيمنة والقيادة العالمية كي لا تفقدها أمام الصين وروسيا، وتكرر تجربة أوباما المتخلي.  لذلك بنظري؛ مهما كان توجه الرئيس فهو الحفاظ الحازم على وجه أميركا كما ذكرنا، والمسيرة على الأقل لعقدين أو ثلاثة هي ” العصر الأميركي والقيادة العالمية” ومقتضياتها “الترامبية”.

إذن إنه صيف فاصل سوف يغير الخارطة الجيوبوليتيكية نحو لاعبين جدد ومسارات مختلفة، علينا التهيؤ لها بمسؤولية واستعداد وواقعية. ويظهر أن ال ١٥٥٩ سينفذ بالقوة، يتبعه نهج الحياد. ومهما تقلبت الأمور فهي سائرة دون حلول الوسط، وهي بعين الفاحص مفيدة لنا ونتائجها ستقلب الواقع نحو خير مرتجى، إلى جمهورية ثالثة واعدة حيادية في ظل واقع شرق أوسطي صديق متفهم لحياد لبنان. …و… اشتدي ازمة” تتفرجي.

21/7/2020

العميد الركن المتقاعد يعرب صخر

 

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button