رحلة “تيار” إفلاس لبنان
إحفظوا هذه الأسماء جيداً: آلان بيفاني المدير العام الأزلي في وزارة المالية وعضو المجلس المركزي لمصرف لبنان لعقود، هنري شاوول المحاسب في شركات المضاربة المالية، شربل قرداحي المحاسب في شركة تاتش التي هدرت مليارات الدولارات على الاحزاب والسياسيين وجمعياتهم ومستشار مالي للتيار الوطني الحر ولرئيس الجمهورية، جورج شلهوب مضارب في بورصة نبوبورك، هؤلاء أبطال فضيحة افلاس لبنان من خلال “خسائر” بلغ رقمها اكثر من 241 الف مليار في تقديرهم ولازار فكيف يبررها حزب الافلاس: بقتل الحقائق والمبادرات وتشويهها تارة بالسياسة وطوراً بصبغة المصارف ومصرف لبنان لضرب المصداقية!
استشرس المستشارون الطامحون بمنصب طال انتظاره وبينهم المدير الذي تنقّل من عهد لحود الى عهد سليمان الى عهد عون باحثاً عن ترقية وآخر نام في سراديب المصارف وإدارتها وآخر جاء من عالم المضاربات الملطخة وأخير من ودائع تياره … تجمع الاجندات الحاقدة قرر أن يحقق أحلامه على حساب ودائع الناس وجنى عمرهم في عهد الرئيس ميشال عون بالتقرّب من الرئيس ومن دولة الرئيس وفي ظروف مأساوية جرى استغلالها وتطويع اصحاب القرار فيها سهل فكيف بدأ الفيلم؟.
بدأ الفريق يخطط لإدخال لبنان في فلك إعادة هيكلة الدين ولكن من خلال التعثر في خدمة دينه لضرب النظام المالي بكامله وللتمكّن من تغيير مفاصله من دون أي حساب للتداعيات، فكانت خطوة التوقف عن الدفع لأول مرة بتاريخ لبنان ومن دون تفاهم مع الدائنين الخارجيين تلتها خطوة ادخال شركة لازار التي لمدرائها علاقة قرابة مع أحد الوزراء بعقد وصل الى 3 ملايين دولار وهو في طور التجديد حالياً ومع شركة المحاماة الدولية غوتليب بعقد منفصل أيضاً وبنفس القيمة. لكن ليس هذا المهم.
دخل المستشارون الطامحون من خلال لازار الى دهاليز صندوق النقد وبدأ “الطبخ”: لبنان مفلس، مصارف مفلسة ومصرف مركزي مفلس، أرقام تطبخ وتركب لمشروع يأخذ لبنان الى نظام موجّه لا مصارف فيه ولا مصرف مركزي إنما مجموعة هياكل “عظمية” مالية تشكّل واجهة للحاكم الجديد والوزير الجديد والرئيس التكنوقراطي المستقل.
في آذار نجح حزب الإفلاس في حمل الحكومة المبتدئة والمتعطشة للشرعية الشعبية المفقودة للتوقف عن الدفع لتستحق كل سندات لبنان وديونه مرة واحدة وليعلن على أثره رئيس الحكومة حسان دياب انجازه الأول كصاحب القرار التاريخي الذي ادخل لبنان في رحلة الافلاس وتغيير معالم وجهه الاقتصادي والمالي!
طبعاً توسّعت بعدها مهمة لازار ومعها حزب الافلاس الطَموح، ومن دون العودة الى مجلس الوزراء، لتشمل القطاع المصرفي والنظام النقدي واعادة هيكلتهما ولإفلاس المودعين بعد اعلان إفلاس الدولة. واستغلت لازار معارفها في صندوق النقد لتحقيق المهمة وتجديد عقدها ولتوضع الأرقام “الصحيحة” التي “كزّها” المستشارون الطامحون – ولكنهم أخطأوا بالترجمة من الانكليزية الى العربية – وتغنوا “بصحتها”وبدأوا حملة التهويل على الحلقات الضيقة في بعبدا والسرايا والرأي العام: أرقامنا صحيحة للخسائر وان اكلت الاخضر واليابس تحت عنوان الشفافية واسألوا صندوق النقد؟ اعتمدوها وإلّا … “بيزعل صندوق النقد وبفلّ!”.
أمّا المعادلة فسهلة: كل الدين المستحق وغير المستحق حتى الـ 2043 خسارة! ودين المالية العامة يرحّل الى مصرف لبنان والمصارف طبعاً دون أن يشرحوا ” للمعترّ ” اللبناني ان رساميل المصارف ومصرف لبنان التي لا تتخطى 20 مليار دولار ولا يمكن أن تغطي خسائرهم المروعة التي قاربت 177 مليار دولار وبالتالي قضم كل ودائع اللبنانيين إنّما بطريقة احتيالية لبقة ومنمقة سمّوها : الخيارات الثلاث والتي تقود جميعها الى head cut وليس فقط haircut !
كل ذلك والمسؤولون “نايمين” ينتظرون “شحن المليارات” من خيبة المستشارين بفارغ الصبر خاصة رئيس الحكومة الذي صدح صوته في قصر بعيدا في اليوم التاريخي للاعلان عن رحلة الافلاس للتعافي منادياً بالشفافية وبتبخر الودائع لينطح الدولار السحاب ويهرول بعدها دولته مفتشاً عن كبش فداء ومن أنسب من رياض سلامة الحاكم الذي تنظم المظاهرات ضده في ظل توقف المصارف عن دفع أموال المودعين لاصحابها!
ولكن عندما علا صراخ الارقام يين الحكومة ومصرف لبنان تدخّل المجلس النيابي من خلال لجنة تقصي حقائق بدأت رحلتها بالتدقيق والتوفيق الغير متوقعة من “حزب الافلاس” وما لبست ان تكشفت الحقائق في لجنة التقصي والتي جمعت الحكومة ووزاراتها ومصرف لبنان والمصارف في اجتماعات متتالية تبين خلالها فضيحة الخطة وقبل أن تصدر اللجنة تقريرها، فتح حزب الإفلاس النار استباقياً على النواب في محاولة لترويعهم محرضاً صندوق النقد عليهم ومتهماً أعضاء اللجنة بالانحياز للمصارف ومصرف لبنان.
ولكن ولسوء حظهم، أتى اجتماع بعض أعضاء اللجنة مع وفد صندوق النقد الدولي لثلاث ساعات ونصف وبناء لطلب الصندوق، فرصة لشرح الموقف النيابي اللبناني وخلفيته الرقابية والتوفيقية وعدد من المقاربات الدستورية والمالية كما آلية احتساب عدد من الأرقام، ليدحض الاتهامات ويعزز الحاجة للاصلاحات المغيبة والتي طالب فيها المجلس ولجانه منذ 2010 ولم تلتزم بها الحكومات المتعاقبة!
وبعد، يتّجه المجلس النيابي وفي حال فشل المفاوضات مع صندوق النقد، الى تشكيل لجنة تحقيق برلمانية بعد أن علت اصوات فيه تطالب بمحاسبة الحكومة والمتورطين بهذه المؤامرة الانقلابية التي أفشلها النواب خاصة بعد أن تحدثت معلومات عن تورط حزب الافلاس بتحريض وفد صندوق النقد على النواب من خلال نقل أخبار كاذبة ومفبركة لإبقاء الانقسام قائماً، وذلك بعد أن توصّلت الاطراف المعنيّة الى اتفاق حول حجم الخسائر وطريقة معالجتها.
فهل يحسم أمره رئيس الحكومة ويتّجه الى البرلمان لتوحيد الموقف اللبناني المفاوض ويجنّب لبنان كارثة الموت أم يلحق بمستشاريه؟
المصدر: lebanon debate