اقتصاد العمائم، وإسقاط أمريكا. (بقلم عمر سعيد)
أكثر من مليون ونصف مليون عربي يعيشون في أمريكا. يعملون، يتعلمون، يساهمون في معيشة أهاليهم واقتصاد بلدانهم، ورغم كل ذلك علينا أن نسقط أمريكا، لنعيد اولئك المليون ونصفه الأسرى من السجون الأمريكية إلى قصور أنظمة المنطقة التي وضعت في خدمة الشعوب.
” فلتسقط أمريكا ”
شعار مرفوع منذ عشرات العقود، لكنه أسقط حتى اليوم غالبية الذين رفعوه، وهتفوا به.
وأنت تقود سيارتك فوق طرقات؛ تبتلعها الحفر. وأنت تقوم بعملك تحت أسقف؛ تكاد تسقط على رؤوس من تحتها في مدارس، ومؤسسات ومستشفيات دول لا تؤمّن أبسط سبل الحياة لشعوبها.
وأنت تلاحق معاملاتك الورقية في مكاتب، أضاعت بعض أوراقها لأكثر من مرة، ويدك في جيبك توزع الرشاوى ذات اليمين وذات الشمال على موظف يجني من المواطنين ضعفي راتبه الذي يتقاضاه من وظيفته.
أخبرني بالله عليك كيف ستسقط أمريكا ؟!
كيف ستقنع كويتياً باسقاط أمريكا التي أعادت له بيته ووطنه، الذي طرده منه الاحتلال العروبي ؟
كيف ستقنع عراقياً أسقطت العمائم بلاده وسرقت ثرواته، ورمته وتاريخه في المجهول، وقد مزقته جوعاً، بأن يسقط أمريكا ؟!
كيف ستقنع سورياً، دفن أجيالاً من شعبه في زنازين نظام، شرد منه عشرات الملايين، ودمر بيوتهم، بأن يسقط أمريكا ؟!
كيف ستقنع أردنياً يحلم منذ عقود ودون جدوى بتوقيف فاسد واحد، يسرق وطنه، بأن يسقط أمريكا ؟!
كيف ستقنع لبنانياً مستعداً للقوف أياماً في طابور أمام سفارات يعول على تأشيرتها للخلاص من بلده، بأن يسقط أمريكا ؟!
كيف ستقنع مصرياً يسكن المقابر، ومصرياً يعجز عن شراء غرفة فوق السطوح، بأن يسقط أمريكا ؟!
كيف ستقنع سودانياً أو مغاربياً، يتسلل الحدود خلسة، ليدخل أوروبا هرباً من اللاجدوى، بأن يسقط أمريكا ؟!
.
كيف ستقنع فلسطينياً لا تمنحه أنظمة العروبة جنسية أو فرصة عمل أو حقاً في التعلم أو العلاج، بأن يسقط أمريكا ؟!
وبم سنسقط أمريكا ؟!
هل نسقطها بإطار نظارة صيني، أم بملابس داخلية تركية، أم باحذية جنودنا المصنعة في أمريكا ؟!
أم بطبخة شيخ المحشي، التي باتت تكلف ٨٠ الف ليرة لبنانية لعائلة من أربعة أشخاص ؟
أم بڤانات ركاب وسيارات تاكسي ٧٠ ٪ منها غير شرعية ؟!
بم سنسقط أمريكا ؟!
بدولار امريكي جعلت عمائمكم سعر صرفه
٥٠٠٠ ليرة لبنانية، و ٣٥٠٠ ليرة سورية، و١٨٥٠٠ تومان إيراني و ١١٩٣ ديناراً عراقي ؟!
أم بقضاء لم يوقف حاكما فاسدا، وأعدم كل الشرفاء في هذه المنطقة ؟!
أم بدول تعجز عن جباية فواتير الكهرباء والماء، وتعجز عن حماية مواطنيها في الجغرافيا التي سلطتم عليها عمائكم ؟!
أم باقتصاد العمائم الذي جعل شعوب المنطقة تعيش على مساعدات محلية ودولية وأممية ؟!
بعد أن حول أكثر من نصف الموطنين إلى مهجرين في مخيمات داخلية وخارجية ؟!
ساتحلى بالشجاعة الواقعية ولو لمرة واحدة في حياتي، وسأصرخ بصدق في وجوه الشباب، الذين كذبتم على أهلهم واجدادهم لأكثر من قرن، وسأقول :
إن الساقطين لا يمكنهم أكثر من إسقاط أوطانهم وشعوبها في جحيم الخداع والكذب والسرقة والفساد.
عمر سعيد