لا تزرعها بذقن أحد. (بقلم عمر سعيد)
لا تزرعها بذقن أحد.
منذ أن وعيت على الدنيا، ما زرعت شيئا في ذقن أحد، ونبت !
وكم من مصلح قدم ذقنه للحرث :
” ازرعها بذقني ”
وطلع كذاباً !!
فالذقون تربة الكذب، والتملص من المسؤوليات.
ما قال قومي شيئاً وصدقوا به، أو التزموه.
لذلك بتت أصدق كل ما يقوله الأعداء.
فهل أرتكب الموبقات بهذا التصديق ؟!
على العموم ..
إن أتوا لجلدي، سأتفل في لحاهم، لأنها لم تنبت صدقاً !
قالوا لي : ” سننتصر في حروبنا على الأعداء ” وانهزموا، وكذبوا
وقالوا لي : ” سننتصر في حروبنا على الجهل ” وانهزموا، وكذبوا.
وقالوا لي : ” سنكون أكثر تقدما من كثير ممن سبقونا ” ولكنهم تأخروا، وكذبوا أيضا.
وعدوني بتحرير فلسطين، فقدموا للاحتلال العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا.
وعدوني بالربيع، ولما ينجزوا منه يوماً.
وعدوني بالتنمية، وزاد التصحر في أرضنا ونفوسنا وعقولنا.
وعدوني بمكافحة الفساد، فأفسدوا الأرض كلها.
وعدوني ب حل بعد ١٠٠ يوم، فسوروا مقراتهم بالفولاذ والجدران الإسمنتية.
وعدوني بالإصلاح، ولما يصلحوا فردة حذاء.
وعدوني بالغاز، ولم يملؤوا جرة ب ١٨ الف ليرة اي ٤ دولار لبيت مواطن.
وعدوني بالغد، فأعادوني إلى ماضي أبي جهل وابي لهب بدمويته وموروثه الذي يعيقني عن التنفس.
لم ينتصروا إلا في حروبهم علينا.
لم ينتصروا إلا في صناعة الظلام والعتمة وإقفال الثقوب التي تشير إلى النور.
لم يفلحوا إلا في تجهيل العرب، وتشريدهم، ونكح عقولهم وإناثهم.
ولا زال هناك من يطل علينا بكلمة، بخطاب، عبر كل طاقة وشباك وشاشة قائلا :
” ازرعوها بذقني ”
أي ذقن تلك التي عليي احترامها، وتقديرها ؟!
ذقن شيخ يعيش على الدجل؟
أم ذقن فتى يظن نفسه شيخل الجبل؟!
أم ذقن أفاقٍ رباها بين افخاذ الغواني ؟!
إن أصدق الذقون في أمتي هي ذقون النساء.
تلك اللواتي لا يدعين الرجولة..
تلك اللواتي لا يقلن ما لا يفعلن..
وأجمل ما فيهن انهن ينتفنها بالخيط والسكر، لئلا يعلق فيها كلمة من وعد لن يفين به.
فاحلقوا ذقونكم، أو علقوا فيها المخالي، ولتخبروا أطفالكم أن العقد على الشارب، من أبرز ملامح النفاق، وأن ضم الأصابع خمستها على الذقن أول ملامح الفرار من التزام.
ولا تعدوا، ولا توهموا أحداً.
ولا تقولوا ما لن تفعلوا !
فبئس المرايا، تلك التي تتشابه فيها الذقن والمؤخرة.
فلا تزرعها بذقن أحد..
فلعله ضم أصابعه على مؤخرته، وتشابه عليك الأمر.
عمر سعيد