وما تلك الجدران إلا شهادة على سقوط ذلك السلاح!
سقط سلاح عبدالناصر عندما ذهب بجيشه إلى اليمن ..
وسقط سلاح أبو عمار عندما استخدمه في لبنان ضد الناس.
وسقط سلاح صدام حسين عندما ذهب بجيشه إلى الكويت..
وسقط الأسد عندما ذهب بجيشه إلى لبنان.
كذا هي آية السقوط التي ينتجها فائض القوة الحمقاء، القوة الفائضة التي تقرر تصفية أجساد الذين عبدوا لها الطريق.
إن الحاجة إلى السلاح في مفهومها الوطني تبررها ضرورات الأمن والدفاع وضبط الحدود. لترتسم قدسية السلاح وفقاً لضوابط استخداماته ومساحاتها.
ولأن القدسية ترتبط بالسمو والعلو والارتقاء، لا زالت السماء سماء لما تحتويه من رحابة، وما تغدقه من أمطار، وما توزعه من رحمات فوق الأرض وفق عدالة الحاجة ونوعية المخلوقات فوق التراب.
غير أن الأمر في السلاح مختلف، لأن قدسية البندقية؛ يحددها اتجاه فوهتها، لا اليد التي تطبق على الزناد.
ليظل السلاح مقدساً ما دام يعزز ارتفاع السماء فوق رؤوس العزل، ويجنبها انخفاضاً يفرض عليها الطأطأة ذلا وانتهاكا.
وأشد ما يجعل السلاح شيطانياً تافهاً هو أن تصبح غاية فوهات بنادقه وطلقاتها إذلال العزل وإرغامهم على خفض رؤوسهم وهاماتهم بالقوة والقهر والترهيب.
لأن السلاح المقدس يستمد شرعيته من صدور المواطنين العزل الذين احتموا به خلف ظهور حامليه يوم كان يدافع عنهم.
لقد سقط سلاح حزب الله منذ أن دارت حوله شبهة التورط في تصفية قامات وطنية، أخلصت في تعبئة ذخيرته بجهدها وعرقها عبر المحافل الدولية.
لقد سقط سلاح حزب الله منذ أن توجه إلى رؤوس اللبنانيين وصدورهم رجالاً ونساءً في شوارع بيروت في ٧ أيار فقتل الزيادين، ووسم مقاتليه بالعار إلى الأبد.
لقد سقط حزب الله حين شارك ولأكثر من عقد في قتل الأبرياء في أكثر من مكان خارج لبنان والجنوب القضية، في سوريا والعراق واليمن والبحرين وغيرها.
وها هو اليوم يعود؛ ليوجه فوهاته إلى صدور اللبنانيين وحرياتهم وكراماتهم وأحلامه.
يعود وقد هزمته انتصاراته المقدسة بوهميتها التي جعلته يستنبت كراهية أهله ومحيطه وأمته التي ادعاها.
بعد ان غزا صدام حسين الكويت، فقد توازنه القيمي والعقائدي، لأنه فقد اتجاه بوصلته القومية، فاستنبت عداوة أخوته حلفاء الأمس، واستبدلها بتحالفه مع عدو الأمس إيران، التي استأمنها على طائراته التي كان يقصفها بها.
ليستيقظ وحيداً، يتخبط في سقوطه المدمر، فلا العرب يملكون له رحمة، ولا الفرس يمنون عليه بالشفقة.
هذا هو حال حزب الله اليوم، وقد حصد عداواته مع العرب في كل مكان، ومع الغرب في اكثر من مكان.
الأمر الذي جعله يقرر الذهاب في غيه وتيهه إلى أبعد مدى عبر شعارات وشتائم طائفية مهينة له قبل سواه، وعبر محاولات إيقاف تقهقره القيمي أمام الشارع اللبناني بالقوة التي قد تسيل الدم في أي لحظة.
فهل حقاً لا زال هناك عاقل يصدق عدم سقوط سلاح حزب الله؟!
وهو الذي أحاط قصر رئاسة عهده حكومته ومبنى مجلس نوابه بجدران اسمنتية وحديدية ليحميها من مطالب مواطنين جائعين عزل، يلوحون بعلم وطنهم المأسور خلف تلك الأسوار؟!
وما تلك الجدران إلا شهادة على سقوط ذلك السلاح!
عمر سعيد