تحت المجهر

نواب يتوسّطون مع جهات أميركية لتبرير نطاق علاقتهم مع الحزب لتجنّب إدراجهم على قوائم العقوبات

تفيد مصادر رفيعة في السفارة الأميركية لدى بيروت بأنّ التوقّعات تشير إلى أن العقوبات الجديدة ستطاول شخصيات لبنانية بارزة، من بينها نواب ووزراء سابقون في “التيار الوطني الحر”، كاشفاً عن أن عدداً من هؤلاء النواب تواصلوا مع جهات أميركية لتبرير علاقتهم مع “حزب الله”، وجزم هؤلاء بأنّ ما يجمعهم بالحزب لا يتجاوز السياق الداخلي والتقني، لضرورات سياسية وأمنية. إلّا أنّ الردّ كان بأن “العقوبات التي تتّخذها الإدارة الأميركية ليست انتقامية أو انتقائية، بل مبنيّة على أسس مستمدّة من النصوص القانونية ولا يستطيع المسؤولون تجاوزها أو المسايرة في تطبيقها”.

وبالنسبة إلى تصريح شينكر، تفيد المصادر بأنّ واشنطن لا تسعى إلى تأجيج الصراع في لبنان وتشكيل اصطفاف سياسي مع “حزب الله” أو ضده، بقدر ما تسعى إلى إبعاد هيمنة هذا الحزب عن الحكم في البلاد وكبح تدخلاته المزعزعة لاستقرار عددٍ من دول العالم. وتشير المصادر إلى أن العقوبات الجديدة تأتي كردّ على تأمين حلفاء “حزب الله” غطاء سياسياً وقانونياً لأعماله غير القانونية، مضيفةً أن قوانين العالم كلها تعتبر أن التعاون والتواطؤ في الجرائم وإعطاء مبرّرات لها هي شراكة في الجرم وتعرّض صاحبها للعقاب، “وهذا هو جوهر تطبيق العقوبات على حلفاء الحزب”.

معاقبة الحكومة

وتنفي المصادر أن يكون هدف وقف المساعدات الغربية والأميركية معاقبة النظام المصرفي اللبناني، الذي يعاني من نقص حادّ في السيولة من العملات الأجنبية. وفيما تُدرج المصادر العقوبات “في سياق الضغط على الحكومة التي يقف خلفها حزب الله”، تؤكد أن “لدى الولايات المتحدة تفاصيل دقيقة عن كيف استطاع الحزب إخراج الأموال الأجنبية من لبنان”.

وتضيف أن الخزانة الأميركية عندما تضع بعض الشخصيات اللبنانية على قوائم العقوبات، يترتّب على ذلك متابعة أرصدة تلك الشخصيات في جميع دول العالم، وحجزها حتى لو كانت تلك الأموال موجودة في المصارف اللبنانية أو في الجزر العذراء التي يلجأ بعض السياسيين إلى تهريب أموالهم إليها.

إنقاذ المصارف

في الأثناء، أشارت جهات مصرفية إلى أن القطاع المصرفي اللبناني يدفع ثمن ربط البلد بالمشروع الإقليمي الإيراني من جهة، ومن جهة أخرى يواجه معركة داخلية ذات بعد إقليمي تستهدف تدمير هذا القطاع الحيوي ضمن مخطط خطير هدفه تغيير معالم لبنان.

وتشدّد الجهات المصرفية على أن تعامل بيروت مع العقوبات الأميركية على “حزب الله”، كان بهدف إبقاء النظام المصرفي في النظام المالي العالمي، ولو لم تطبّق البلاد هذه القوانين، لنالت جميع مصارفها، مصير مصرفَيْ البنك اللبناني الكندي وجمال تراست بنك اللذين أدرجتهما الخزانة الأميركية OFAC على قائمة العقوبات، بالتالي أُخرجا من النظام المصرفي الدولي.

وتضيف الجهات ذاتها أنه لولا قوة النظام المصرفي اللبناني والهندسات المالية، لكانت أموال المودعين في هذين المصرفين ضاعت، معربةً عن اعتقادها بأنّ الازمات تلك لو مرّت على دولة أخرى، لكان نظامها المصرفي انهار كلياً واكتشف المودعون فجأة أن أرصدتهم اختفت. وتؤكد أن القيود على الحسابات التي تجريها المصارف، لا تعني خسارة أي مودع ليرة واحدة من حسابه، بل هي إجراءات مؤقتة ضرورية لحماية الودائع طالما أن الأزمة السياسية اللبنانية قائمة.

خطة “ميتة”

وترى الجهات المصرفيّة أن الخطة الاقتصادية التي طرحتها الحكومة اللبنانية ولدت ميتة ورُفضت على الصعيدين الدولي والمحلي، مشيرةً إلى أن دمج المصارف يعني إفلاس بعضها وخسارة المودعين أموالهم. وهذا ما يرفضه الحاكم لضمان حقوق المودعين. وتلفت إلى أنه “بعد إعلان الحكومة ما سمّته خطة التعافي الاقتصادية، انهار سعر صرف العملة اللبنانية مقابل الدولار من حوالى 2500 إلى 4000 ليرة للدولار، في السوق الموازية”.

وتنفي الجهات المصرفية أي اتفاق بين البنك المركزي والحكومة في شأن تثبيت سعر الصرف عند 3200 ليرة للدولار، مؤكدةً أن لإبقاء السعر الرسمي عند 1500 إيجابيات كثيرة لصالح المواطن، لا سيما أن سداد القروض بالدولار ودفع الإيجارات وسعر الأدوية وعددٍ من السلع تبقى بالنسبة إلى المواطن على هذا السعر. وتستغرب الجهات المصرفية سلبية الحكومة تجاه البنوك، إذ عليها التعاون معها لا محاربتها من أجل استعادة الثقة بالقطاع القادر على جذب نحو 6 مليارات دولار موجودة في المنازل، ما قد يزيل الضغوط عن الليرة اللبنانية ويحسّن قيمتها مقابل الدولار.

قرار خطير

وعن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، لا تستبشر الجهات المصرفية خيراً، على اعتبار أن أساس الأزمة الاقتصادية هو سياسي وليس نقدياً، كما تحاول السلطة السياسية إظهاره وأن “المطلوب من لبنان شروط سياسية متعلّقة بإصلاحات لها خصوصية سياسية كملفَّيْ التهريب الحدودي والهدر في الكهرباء”، مشكّكةً بجدية قوى السلطة تجاه تنفيذ المطلوب منها.

وتضيف “لو كان لدى تلك القوى الحدّ الأدنى من الوعي الاقتصادي لما كانت تخلّفت عن سداد مستحقاتها من سندات اليوروبوندز، وأوهمت الرأي العام بأنها امتنعت عن الدفع من أجل إبقاء العملات الأجنبية في احتياطي المركزي لتأمين استيراد السلع الأساسية”. وتصف الجهات المصرفية هذا الإجراء بـ”الشعبوي”، لكونه حرم لبنان قدرته على استجلاب الأموال من الخارج وتسبّب بأضرار فادحة بحق أفراد كانوا يمتلكون سندات اليوروبوندز، إضافةً إلى انهيار قيمتها من نحو الثلاثين مليار دولار إلى نحو خمسة مليارات، إذ بلغت قيمة السند نحو 0.3، في حين لو سدّدت الدولة السندات تلك لكانت ارتفعت تلقائياً إلى 0.75.

وتذكّر الجهات المصرفية بأنّ لبنان على موعد في يونيو (حزيران) مع استحقاق جديد لليوروبوندز، بقيمة 600 مليون دولار، متوقعةً التخلّف عن سداده، ما سينعكس مزيداً من التشدّد الاقتصادي على البلاد لناحية دخول العملات الأجنبية وانخفاض إضافي على سندات اليوروبوندز. وتنبّه إلى أن “الخطير في الأمر هو أن التخلّف يحصل من الجانب اللبناني ومن دون الاتفاق مع الدائنين، ما يزيد المشهد تعقيداً”.

المصدر: اندبندنت العربية

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button