نصرالله يحسمها: لن نسلّم السلاح… ولو “جاع” اللبنانيون؟!
كتبت “المركزية”:
لم يتوسّع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كثيرا في كلمته امس في يوم القدس في الحديث عن الشأن اللبناني، الا ان القليل الذي قاله كان دسما ومختصرا مفيدا، وفق ما تعتبر مصادر سياسية معارضة عبر “المركزية”. فهو وضع الاصبع على الجرح مباشرة، اذ توقّف عند العلاقة بين الواقع الاقتصادي المعيشي المرّ الذي تتخبط فيه البلاد اليوم من جهة، وبين العقوبات الاميركية وقرار واشنطن الحاسم بتطويق ايران وأذرعها العسكرية المنتشرة في المنطقة، من جهة ثانية.
فنصرالله، رفض “الدعاية” الجديدة عن ربط الجوع بالسلاح ومواجهة إسرائيل وأميركا، مؤكّداً أن الذين استسلموا من كيانات يجوعون ولا يتلقّون مساعدة من أحد، معلناً استمرار المقاومة والموقف من فلسطين حتى تحريرها مهما تعاظمت الضغوط الأميركية، مشيرا الى ان “يمكننا بتضامننا أن نحافظ على سيادتنا ونكون أقوياء ونردع عدونا ونحفر آبار نفط وغاز، ونكون بلداً لا يجوع”. واعتبر أن “من يراهن على أنه من خلال حروب عسكرية أو عقوبات أو تجويع أو تضليل يمكن أن يغير موقفنا من فلسطين، فهو مشتبه. الحق لا يتغير بمرور الزمن وما أُخذ بالسرقة لا يصبح ملكاً شرعياً عبر مرور الزمن ولو اعترف كل العالم بشرعية ما سرقه اللص”.
والحال ان ما اعتبره نصرالله “دعاية” هو في الحقيقة “واقع”. فالولايات المتحدة وحلفاؤها على الساحتين الدولية والعربية، ليسوا في وارد التساهل مع بيروت او مد طوق نجاة مالي اليها “مجانا” اليوم، كون السلطة فيها واقعة في يد حزب الله في شكل تام. وصحيح ان صندوق النقد الدولي باشر مفاوضات مع الحكومة، الا ان هذه المشاورات لتنجح، تشترط اصلاحات كبيرة وقرارات، “اقتصادية” الوجه، نعم، لكنها “سياسية – استراتيجية” الباطِن، تمسّ بالمباشر حركة حزب الله في لبنان والاقليم، اضافة الى مصالحه… فما يجدر التذكير به هو ان واشنطن والدول الاوروبية والخليجية هي التي تموّل صندوق النقد، وما يجب الا ننساه ايضا، هو ان أبرز ما يطالب به الصندوق اليوم هو ضبط الحدود اللبنانية – السورية، ووقف عمليات التهريب عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية، والمعروف انها في معظمها مغطاة من حزب الله، وأنه يستفيد منها ايضا… وقد تحدث بصراحة ومن دون قفازات عن هذه الشروط، كل من مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر وسفير واشنطن السابق في لبنان جيفري فيلتمان، مُضفيين على المفاوضات مع الصندوق، “هالةً” سياسية يصعب تجاوزها او غض النظر عنها
من كلام نصرالله أمس، يمكن الاستنتاج ان الحزب سيرفض اي تدبير يطلبه الصندوق يصيب مصالحه الاستراتيجية، وأن الحكومة -وهي حكومتُه – لن تتمكن من تنفيذ ما يريده المانحون، الامر الذي سيؤدي في نهاية المطاف الى فشل المفاوضات. وثبت ايضا من مواقف الامين العام ان الاولوية لا تزال لسلاحه ولمصالح محوره، ولو على حساب جيبة اللبناني وجوعه، خاصة ان البدائل التي يطرحها الحزب، منها الانفتاح على ايران والعراق والصين، لن تتمكن من معالجة الجسم اللبناني المنازع.