رسائل صارمة إلى لبنان.. اللعب على الرمادي “ممنوع”
يلعب لبنان مع صندوق النقد الدولي أوراقه الأخيرة، حيث تشير المعلومات الى صعوبات كثيرة تواجه الفريق اللبناني المفاوض بإقناع الصندوق بالخطة الاقتصادية التي أعلنتها الحكومة تحت عنوان “خطة التعافي الاقتصادي”، حيث يصر الصندوق على وضع آليات تنفيذية واضحة لكل بند من بنود الخطة.
ووفق المعلومات فإن الصندوق يضع ملفي التهريب الحدودي مع سوريا وإصلاح قطاع الكهرباء، على رأس هرم أولوياته ومطالباً الوفد اللبناني ابراز استراتيجية تنفيذية كاملة مرفقة مع جدوى اقتصادية لمدة عشرة سنوات مقبلة.
بوابة التهريب الحدودي
وتشير مصادر مطلعة على مسار المفاوضات بين الوفدين اللبناني والدولي، الى ان الجانب اللبناني يحاول التملص من الدخول في التفاصيل والاكتفاء بعناوين فضفاضة تعطيه هامش المناورة وتدوير الزوايا بما يتناسب مع الامر الواقع اللبناني وهذا أسلوب لطالما اعتمد سابقاً مع الجهات الدولية حيث تعتبر المصادر ان مفاوضي صندوق النقد الدولي على اطلاع واسع بجميع القضايا اللبنانية ويدركون ان أي نقطة غير مفصلة في بنود الخطة ستكون منفذاً للاجتهادات والتهرب من الالتزامات.
ورأت المصادر انه بما يتعلق بالحدود، يصر صندوق النقد الدولي على قرارات جذرية وانسحاب عناصر حزب الله من جميع النقاط الحدودية وتسليمها للجيش، وتضيف ان الصندوق يقترح آلية مراقبة دولية للتنسيق مع الجيش اللبناني والتأكد بمدى تنفيذ قرار إغلاق الحدود ولاسيما ان تقارير دولية تشير الى وجود معابر غير مرئية في باطن الأرض حفرها حزب الله بين عدد من القرى اللبنانية لتكون متصلة بقرى ضمن الأراضي السورية.
ولفتت المصادر الى ان الجانب اللبناني يريد الاكتفاء بالالتزام “ببذل جهد لإقفال جميع المعابر الغير شرعية على الحدود اللبنانية السورية”، دون الدخول في تفاصيل قد تحرجه مع حزب الله او مع النظام السوري وهو امر على ما يبدو لن يكون سهلاً في مسار المفاوضات مع النقد الدولي.
مغارة الكهرباء
وفي السياق نفسه تؤكد المصادر ان ملف الكهرباء يعتبر بالنسبة لصندوق النقد الدولي أحد أبرز أوجه الهدر والفساد حيث تسبب وحده بأكثر من ثلث قيمة الدين العام، ويطالب الوفد الدولي القضاء اللبناني فتح تحقيقات شاملة وتحميل المسؤوليات للمرتكبين إضافة الى مطالبته بتعيين مجلس إدارة جديد لشركة كهرباء لبنان وهيئة ناظمة للقطاع وفق معايير يكون للصندوق دور أساسي في وضعها وذلك سعياً لمنع التعينات السياسية والحزبية كما هو حاصل منذ أكثر من 15 عاماً.
وتعتبر المصادر نفسها الى ان الجانب اللبناني لا يريد ان يكون للصندوق دور مباشر في وضع المعايير او مراقبة الملفات القضائية، حيث يتم التذرع بمسائل سيادية للدولة في حين ان الموضوع له بعد آخر متعلق بملفات قد تؤدي الى فضائح ولاسيما ان الوزراء المتعاقبون منذ 15 سنة ينتمون الى فريق سياسي واحد.
رسائل صارمة
في المقابل ترى أوساط ديبلوماسية غربية ان المفاوضات الجارية بين لبنان وصندوق النقد الدولي ستأخذ حوالي السنة وفي النهاية في حال لم يتوصل لبنان الى تسوية معادلاته الداخلية بما يتناسب مع الشرعية الدولية وتطبيقه للقرارات الدولية واسقاط هيمنة حزب الله عن السلطة السياسية في لبنان فإن أي مساعدات لن تحصل.
ولفت الى ان صندوق النقد الدولي هو جزء من الشرعية الدولية ولو نجحت المفاوضات وتوصلت الى تسويات تقنية مقبولة، إلا ان الضوء الأخضر للشروع بدعم لبنان واقتصاده هو سياسي، مؤكدة ان المسؤولين اللبنانيين تبلغوا أكثر من مرة ان المجتمع الدولي لن يدعم دولة يقودها حزب تضعه غالبية دول العالم على قوائم الإرهاب،
محذرةً ان استمرار الامر الواقع الحالي سيجلب في المرحلة المقبلة عقوبات دولية على لبنان وبالتالي يتحول لبنان الى صورة مصغرة عن النظامين السوري والإيراني.
المصدر: راديو صوت بيروت إنترناشونال
الكاتب: طوني بولس