الرواية الاسرائيلية لصواريخ “أس300”..ومقتل مصطفى بدر الدين
قالت صحيفة “هآرتس” إن مئات الهجمات ضد أهداف إيرانية و”حزب الله” في سوريا التي ينفذها سلاح الجو الإسرائيلي، يعتبرها النقًاد عموماً أهم إنجاز خصوصاً من ناحية الهروب من بطاريات الدفاع السورية المضادة للطائرات.
وقالت في تقرير: “على مدى السنوات السبع الماضية وقع الهجوم الأول المنسوب إلى إسرائيل في نيسان/أبريل 2013، وأطلقت الأنظمة السورية المضادة للطائرات ما لا يقل عن 700 صاروخ على طائرات حربية تابعة للقوات الجوية الإسرائيلية”.
وأضافت الصحيفة الإسرائيلية “أسقط صاروخ واحد طائرة مقاتلة من طراز “اف-16″ وقد أُنقذ الطيار ومساعده ونقلا إلى مستشفى اسرائيلي لتلقى العلاج. وقع ذلك الحادث في عام 2018، بعد هجوم نفذته طائرة إسرائيلية على قاعدة إيرانية كانت قد أطلقت طائرة بدون طيار على إسرائيل من سوريا. وكان إسقاط الطائرة خطأ من الجيش الإسرائيلي أكثر منه نجاحاً سورياً”.
وأشارت الى أن السوريين أطلقوا “نحو 100 صاروخ سنوياً على طائرات إسرائيلية وهذا يشير إلى أن سوريا تطلق وابلاً من الصواريخ على كل طائرة هجومية”.
وقالت: “في أيلول/سبتمبر 2018، أسقطت بطارية دفاع سورية طائرة تجسس روسية كانت في طريقها إلى القاعدة السورية الروسية في اللاذقية. وعن طريق الخطأ، أطلق السوريون صواريخ عندما كانت طائرات القوات الجوية تشارك في المنطقة في نشاط عملياتي. واتهم وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إسرائيل باخفاء طائراتها التي لم تصب باضرار خلف الطائرة الروسية واستخدامها “درعاً جوياً”.
وعلى الرغم من نفي إسرائيل، استغلت موسكو الحادث لفرض آلية جديدة لفض الاشتباك بين القوتين الجويتين، تهدف إلى زيادة التنسيق ومنع المعارك الجوية، فضلاً عن إطلاق الصواريخ الروسية على الطائرات الإسرائيلية. كما استخدمت موسكو الحادث كذريعة لتزويد النظام السوري ببطاريات صواريخ أرض جو من طراز “S-300″، وتم إرسال طواقم سورية إلى روسيا لتعليمهh كيفية تشغيل الأنظمة الجديدة. وفي وقت لاحق، زودت موسكو الجيش السوري بالأنظمة وتم نشرها على أراضيها.
وعلى الرغم من مرور نحو 20 شهراً على وقوع الحادث، لم يتم إطلاق صاروخ واحد حتى الآن من بطارية من طراز “S-300” في سوريا على طائرة تابعة للجبهة.
وحددت الصحيفة ثلاثة أسباب لذلك: الأول هو أن البطاريات كانت تحت السيطرة الكاملة من المستشارين والمشغلين الروس، الذين هم مسؤولون عن جميع الأزرار.
والسبب الثاني هو أن هؤلاء المستشارين لا يسمحون لجيش الأسد بإطلاق الصواريخ. “وهذا دليل آخر على اللعبة المزدوجة التي يلعبها الكرملين منذ عام 2015، عندما نشر الآلاف من القوات الروسية والطائرات والبطاريات الدفاعية والسفن الحربية الأكثر تقدماً من طراز S-400، في محاولة لإنقاذ نظام الأسد”.
فمن جهة، تسعى موسكو إلى تحقيق الاستقرار في سوريا، وتساعدها إيران في هذا الجهد، وتتعاون مع الأسد ومع “حزب الله” على المستوى التكتيكي ضد “داعش”، كما تريد الحدَ من مشاركة إسرائيل في سوريا. ولكن من ناحية أخرى، تغض روسيا الطرف عن الهجمات التي شنتها إسرائيل، وهي بذلك تشجع في الواقع الحملات ضد إيران من الناحية التكتيكية. وعلى غرار إسرائيل، تريد روسيا أيضاً أن ترى القوات الإيرانية والميليشيات الشيعية و”حزب الله” تغادر سوريا.
والسبب الثالث الذي يجعل بطاريات “S-300″ حتى الآن لا ترعد في السماء هو الخوف في روسيا من أنها إذا تم تفعيلها بالفعل وأخطأت أهدافها، فإن ذلك من شأنه أن يبرهن على التفوق التكنولوجي والتشغيلي لإسرائيل والغرب، الأمر الذي من شأنه أن يضر بكبرياء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والصناعات الدفاعية في بلاده”.
واوضحت أنه بعد فترة هدوء استمرت أسابيع بسبب أزمة الفيروس التاجي، تم إستئناف “روتين العنف”. ووفقاً لوزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينيت، استأنفت القوات الجوية هجماتها على أهداف إيرانية في سوريا بكثافة أكبر فقد أفادت التقارير أنها نفذت ست هجمات في الأسبوعين الماضيين.
وتُقسم أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تورط إيران في سوريا إلى فترات. الأولى، استمرت حتى عام 2006، واتسمت بعلاقات قوية بين النظامين، والتي كانت موجهة بشكل رئيسي إلى المساعدة العسكرية ل”حزب الله”، على نطاق طفيف نسبياً.
واستمرت الفترة التالية من حرب لبنان الثانية في عام 2006 حتى عام 2011، عندما زادت إيران من سيطرتها على “حزب الله” في لبنان عبر الحرس الثوري، وحولت سوريا إلى قناة لنقل الصواريخ بعيدة المدى.
وجاءت المرحلة الثالثة مع اندلاع الحرب الأهلية في سوريا في عام 2011، وحتى عام 2016 تميزت بالمساعدة العسكرية المباشرة وغير المباشرة لدمشق في الحرب ضد “داعش”، عبر “حزب الله” والميليشيات الشيعية.
وأعقب ذلك المرحلة الرابعة، التي وصفها رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي السابق غادي آيزنكوت والمخابرات العسكرية بأنها “رؤية قاسم سليماني” على اسم قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري.
وقالت الصحيفة: “أدرك الجنرال الإيراني أن هزيمة داعش كانت قريبة، حيث كان يواجه القوات المشتركة للتحالف الدولي، فضلا عن روسيا وإيران. وأثناء محاولته هزيمة داعش، اتخذ سليماني خطوة غير عادية للغاية، فقد أمر باغتيال مصطفى بدر الدين، أحد القادة العسكريين الأعلى الثلاثة لحزب الله مع طلال حمية وفؤاد شكر، اللذين كانا بمثابة القيادة الجماعية للذراع العسكرية للحركة للحزب بعد اغتيال عماد مغنية”.
وبدر الدين الذي كان لسنوات في مرمى المخابرات الإسرائيلية، وقاد قوات “حزب الله” في سوريا منذ بداية الحرب الأهلية. وبسبب العدد الكبير من الضحايا بين مقاتليه (أكثر من 2000 قتيل وآلاف الجرحى منذ اندلاع الحرب الأهلية) طالب بدر الدين بخفض وجود “حزب الله” في سوريا، وهذا الطلب لم يرق لسليماني وازداد التوتر بين الاثنين وفي أوائل أيار/ مايو 2016 حيث استدعى سليماني بدر الدين إلى اجتماع في أحد مكاتب فيلق القدس في مطار دمشق الدولي، بحسب “هآرتس”.
وقالت: “شربوا الشاي، وتناولوا المرطبات وحاولوا توضيح الخلاف بينهما”. ولكن بعد فوات الأوان. في مشهد يذكرنا بعملية المافيا، غادر سليماني الغرفة، ودخل حراسه الشخصيون وأطلقوا النار على بدر الدين من مسافة قصيرة بمسدساتهم.
وكشفت الصحيفة أن سليماني خطط للانتشار في سوريا واستيطان مئة ألف مقاتل شيعي، وانشاء قواعد جوية وقواعد استخبارات، ومواقع صواريخ موجهة إلى إسرائيل، وجلب الآلاف من المستشارين إلى سوريا لتعزيز علاقتها الشيعية بطهران.
ومن أجل تحديث نظام الأسلحة الإيرانية في سوريا، وأنظمة “حزب الله” في لبنان، خصص سليماني حوالي 100 مليون دولار فقط لمراكز الدراسات العلمية والبحثية، المعروفة أيضاً باسم “CERS”. في الماضي، وعمل العلماء نيابة عن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد وابنه بشار في هذه المراكز لتطوير أسلحة بيولوجية وكيماوية.
وفي الوقت الحاضر يعملون هناك على تطوير الصواريخ السورية والإيرانية ، وتحسين تقنيتها الدقيقة. ويقال إن سلاح الجو الإسرائيلي هاجم مواقع “CERS” مرات خلال الحرب الأهلية، وكان آخرها قبل أيام قليلة في السفيرة ، في منطقة حلب.
ورأت الصحيفة أن اغتياله في بغداد في أوائل عام 2020، في عملية أميركية جريئة، وجه ضربة قوية لهيبة طهران وسمعتها. يضاف إلى ذلك العقوبات الأميركية التي تؤدي إلى إسقاط الاقتصاد الإيراني والانخفاض الكبير في أسعار النفط وأزمة الفيروسات التاجية التي تسبب الخراب في البلاد. ووفقًا لتقدير حذر، ربما يوجد حالياً 20 ألف مقاتل شيعي في سوريا، بضع مئات من القادة والمستشارين الإيرانيين، وحوالي الفين مقاتل من “حزب الله”.
وخلصت الصحيفة الى ان اليوم هناك فرصة لإخراج إيران من سوريا، وهي تقوم بنقل بعض قواعدها من دمشق إلى الشرق، بالقرب من الحدود العراقية، وذلك لإبعادهم عن إسرائيل وهجماتها.