التخلص من شركة ZR energy: العونيون يطمعون بكامل سوق النفط
بعد أقل من 5 أشهر على ترتيب وزارة الطاقة صفقة تلزيم شركة “زد آر اينرجي” ZR energy بهدف استيراد 150 ألف طن من مادة البنزين، كخطوة أولى في مسار استيراد الدولة للبنزين بطريقة مباشرة، تخلّت الوزارة عن الشركة من دون تكبّد عناء الدفاع عمّن فُصِّلَت الصفقة على مقاسه. فقد وافق التيار الوطني الحر على عدم خوض معركة لانقاذ الشركة، بعد أن خاض واحدة لتلزيمها بصورة مخالفة للقانون. فهل التخلّي عن الشركة هو صحوة ضمير أم تضحية صغرى لهدفٍ أكبر وأبعد؟
التخلّي عن الشركة
لم يكن تلزيم شركة ZR energy مناقصة استيراد البنزين مفاجئاً لمتابعي الملف، وكذلك القفز فوق القوانين، حين أجريَت المناقصة عبر منشآت النفط، التي ينحصر دورها بإدارة وتشغيل المصافي. اذ تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي معلومات تفيد بأن “صاحب الشركة الرابحة هو ريمون رحمة، وهو صديق الوزير جبران باسيل. وهو استورد فيول مضروب لمعمل الذوق والجية، وهو شريك في بنك ميد Bankmed، ومتورط بسرقة وببيع سلاح الجيش العراقي”. كما أن التيار، ومنذ استلامه وزارة الطاقة، لم يعترف بإدارة المناقصات في التفتيش المركزي كجهة رسمية لاجراء المناقصات.
المكانة التي حظيت بها الشركة، بات وزنها المعنوي لا يتعدى وزن الشمع الأحمر الذي خُتِمَت به أبوابها في منطقة الذوق، بعد مداهمة شعبة المعلومات لها، على خلفية قضية الفيول المغشوش. فليس السقوط وحده هو الحدث الجلل بالنسبة للشركة، بل تنصل التيار عبر وزراء الطاقة، من العلاقة مع الشركة، والظهور بصورة كاشف الفساد. فوزيرة الطاقة السابقة ندى بستاني، بطلة تلزيم مناقصة البنزين للشركة المذكورة، قالت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، “نحن من قدّم الإخبار إلى القضاء للتحرّك في ملف الفيول المغشوش”. علماً أن الوزيرة تغاضت عن معرفتها بغش الفيول في أوقات سابقة، ولم تتحرّك.
تغيير المعادلة
لا تقف المسألة عند حدود التخلّي عن الشركة. فصحوة الضمير مستحيلة في قاموس أحزاب السلطة. وعليه، اضطرّ التيار إلى التضحية بجندي في لعبة الشطرنج، تمهيداً لتوسيع قاعدة استفادته من قطاع النفط، وعدم حصرها في التحكّم باستيراد 10 بالمئة من حاجة السوق إلى البنزين.
وفي مسار التوسيع، كان لا بد للتيار العوني من إصابة تيار المردة، عن طريق استهداف المدير العام لمنشآت النفط سركيس حليس. فالتغيير يقتضي عادة التخلّص من كافة عناصر العمل القديم.
كما ينظر التيار إلى خطوة نحو المدى البعيد، تتلخّص بانهاء التعاقد مع شركة سوناتراك الجزائرية، التي تورِّد الفيول إلى لبنان بموجب عقد موقّع مع الدولة الجزائرية، وذلك بعد إعداد أرضية لفض العقد، وإبرامه مع جهة أخرى يضمن التيار مصلحته معها، كما سيطرته على قرار وآلية توريد الفيول. وما محاولة اقحام الشركة الجزائرية في صلب الملف ومحاولة اظهار مسؤوليتها عن الفيول غير المطابق للمواصفات، سوى تمهيد الطريق لفض العقد معها بعد اثارة الضجيج حولها.
مسؤولية الوزارة
رفعت وزارة الطاقة بالنيابة عن التيار الوطني الحر سياسياً، سقف المواجهة مع باقي أطراف السلطة. والغاية التخلص من بعض الخصوم وإحكام القبضة على خط إدخال النفط إلى البلاد. لكن فات التيار ووزراؤه أنهم يتحملون المسؤولية الأساس في هذا الملف وغيره من ملفات الفساد في وزارة الطاقة.
فمنذ العام 2010 يبسط العونيون سيطرتهم على الوزارة، ومع ذلك، يريدون إيهام الرأي العام أنهم لا يعرفون تفاصيل الفساد في كل ما يقع تحت سلطة الوزارة، سواء في الكهرباء أو النفط، وهما مجالان متداخلان، فانتاج الكهرباء يعتمد على النفط.
المسيطرون يريدون اليوم نفض أيديهم من المسؤولية. في حين أن الوزارة هي المسؤول الأول والأخير، فلو كانت تقوم بواجباتها، لراقبت الفيول. لكن كيف تراقب وهي المستفيد من الفساد؟
وأبعد من ذلك، إن كانت وزارة الطاقة صاحبة الانجازات في كشف الفساد، فهل سيتم فتح ملفات أخرى تطال عقود النفط والكهرباء؟
خضر حسان _المدن