إلى طرابلس جنوب الوطن الذي لا يخون. (بقلم عمر سعيد)
يا مدينة المساكين، يتجولون بحقائب محشوة بالوهم والأمل .
يا حلم الباعة الجوالين، تلتصق اكفهم بمقود البسطات الدوارة ليل نهار.
يا مدينة عبأها العشاق في حناجرهم نغمات حجاز ونهاوند، ينشجونها كلما داهم اليأس خطاهم.
يا شِبَاك الصيادين العتيقة، تمزق خيوطها أسنان الطامعين في البر والبحر، وتظل تجلب الرزق الحلال.
يا مدينة فقراء ينامون على حب، ويفيقون على رجاء.
يا بيوتاً من طحين أجساد أتعبها الجهاد على حد الرغيف.
يا مزاريب عرق الكفاح يَنْصَبّ من أصداغ اللاهثين خلف الكرامة الوطن، وأين منك الوطن ؟!
يا بقايا قماش ملوك تعروا أمام دمك العابر تاريخاً من الانتظار.
يا أطراف أصابع الكادحين، ظلت على حواف المكعبات تقطر الحياة زيتاً معطراً في خان الصابون .
إن كان لا بد للوطن من جرح، فأنت جرح الوطن الذي لا يزول !
يا جنوبه الحقيقي يتصدى لكل استعداءات الظالمين.
إن قلنا : ” لك الله ”
فذا يعني أننا عجزنا وتخلينا.
لذا نقول :
لك الصبح المشع فيك ثائراً على كل ليل استجلبوه.
لك الضمائر الحرة، لا تغفل عن الصراخ في وجه الطغاة.
لك شهداء فقراء ينبتون ابتسامات في أرصفة الشوارع والحارات المحشوة بالمساكين.
لك عمال وأطفال يلمون حزنك المعشش في ذاكرة المتعبين.
لك عجوز تكور في جسده يتلو قرآنه للخلاص .
لك البنفسج المنسي فوق اسوار منازل تغص بالمهملين.
لك عصافير ما هجرت فضاءك رغم كل مدافع الغزاة.
لك الوجوه الشاردة في السوق القديم .
طرابلس أنت لا تخونين، وكيف يخون معبد مقدس رجاءات المصلين؟
قالها ناموس الكون الأزلي :
القلب في الشمال.
وأنت الشمال والجنوب وانت الوطن.
عمر سعيد