العبودية الطوعية: Voluntary Slavery (بقلم ع. يعرب صخر)
عندما يتعرض بلد ما لقمع طويل، تنشأ أجيال من الناس لا تحتاج إلى الحرية وتتواءم مع الاستبداد، ويظهر ما يمكن أن نسميه “المواطن الهامد”، والنظام يسميه “المواطن المستقر”.
هذا المواطن الهامد، هذه الأيام، يعيش في عالم خاص به، وتنحصر اهتماماته في أربع:
– الدين.
– لقمة العيش
– كرة القدم
الهاتف الذكي.
الدين عند هذا المواطن لا علاقة له بالحق والعدل، إنما هو مجرد أداء للطقوس واستيفاء للشكل، لا ينصرف غالبا” للسلوك. فالذين يمارسون بلا حرج الكذب والنفاق والرشوة، يحسون بالذنب فقط إذا فاتتهم إحدى الصلوات. هذا المواطن لا يدافع عن دينه إلا إذا تأكد أنه لن يصيبه اذى” من ذلك…فقد يستشيط غضبا” ضد الدول التي تبيح زواج المثليين بحجة أن ذلك ضد إرادة الله، لكنه لا يفتح فمه بكلمة مهما بلغ عدد المعتقلين في بلاده ظلما” أو الذين ماتوا من التعذيب!!! ويفعل الفاحشة والفساد في بلاده جهارا”، وبعدها يحمد الله.
لقمة العيش هي الركن الثاني في حياة هذا الهامد، فهو لا يعبأ إطلاقا” بحقوقه السياسية، ويعمل فقط لتربية أطفاله ويزوج البنات ويشغل أولاده. ثم يقرأ في الكتب المقدسة ولا يعمل بها.
كرة القدم: تنسيه همومه وتحقق له العدالة التي فقدها، فخلال 90 دقيقة تخضع هذه اللعبة لقواعد واضحة عادلة تطبق على الجميع.
الهاتف الذكي: يغوص ويمرح ويقضي الساعات الطوال في التواصل، لكن عبر القذارات والاباحيات والصور والتحويلات البنكية والألعاب والتعارف وإنشاء شبكة أصدقاء…يفعل ما يشاء لكنه لا يجرؤ على التطرق لمواضيع تمس حقوقه الإجتماعية والاقتصادية والسياسية، ويتجنب إبداء رأيه بها، أو إدانة أي عمل تمارسه السلطة.
إنه وسيلة تلهيه وتسليه يلجأ إليها ويعطل ذكاءه ويصرف تفكيره وينسيه الكتاب والتحليل وتشغيل الدماغ…وسيلة ذكية لتعطيل الذكاء….يظن هذا الكسول أن بين يديه أداة التطور والحداثة، لكنه في قعر التأخر والتخلف، ويعيش انفصالا” وليس تواصلا” اجتماعيا”.
المواطن الهامد هو العائق الحقيقي أمام كل تقدم ممكن. ولن يتحقق التغيير إلا عندما يخرج من عالمه الضيق ويتاكد أن ثمن السكوت على الاستبداد أفدح بكثير من عواقب الثورة ضده.
العميد الركن المتقاعد يعرب صخر
ا*** بعض الأفكار مستلهمة من المفكر الفرنسي إتيان دو لا بواسييه.