بعد ان نسف باسيل الاجواء الايجابية… هل بدأ الحريري الهجوم المضاد؟
مواقف الحريري المستجدة تدل على أنه طفح الكيل لديه من “الدلع السياسي” الحاصل ومن الايجابية التي يمارسها منذ تكليفه في 24 أيار الماضي مع جميع الأطراف لا سيما مع التيار الوطني الحر الذي كلما سعى الرئيس المكلف الى إرضائه والوقوف على خاطره طالب بالمزيد، فضلا عن محاولاته الرامية الى فرض أعراف جديدة من شأنها أن تقلص من صلاحيات رئيس الحكومة، الذي حرص في دردشته مع الاعلاميين أمس على تحييد بعض التيارات المعنية عن تهمة التعطيل مؤكدا أنها قدمت تنازلات من أجل ولادة الحكومة، غامزا فقط من قناة باسيل، مستغربا موقفه غير المفهوم بالنسبة له.
ما أدلى به الحريري أمس فتح الباب أمام عدة تساؤلات، لجهة: هل بدأ الرئيس المكلف هجوما مضادا باتجاه التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل بمعزل عن علاقته برئيس الجمهورية الذي أكدت كتلته بعد إجتماعها أمس التمسك بالعلاقة الجيدة معه؟، وهل قرر الحريري بعدما وصل أكثر من مرة الى طريق مسدود أن يسمي الأشياء بأسمائها وأن ينتفض تجاه من يعطل عملية التأليف؟، وهل موقفه سيساهم في حل العقد أم أنه سيؤدي الى تأزيم الوضع أكثر فأكثر؟، وعلى ماذا يعتمد الحريري في هذا التصعيد؟، وكيف يمكن أن يشكل الحكومة في المهلة التي أعطاها لنفسه في ظل التوتر القائم بينه وبين باسيل.
تشير مصادر مطلعة الى أن الحريري قد يلتزم بالمهلة التي أعطاها لنفسه ويبرأ ذمته أمام اللبنانيين، وهو ربما يقوم خلال مهلة عشرة أيام بزيارة قصر بعبدا وتقديم تشكيلة حكومية جديدة الى رئيس الجمهورية وبذلك يكون إلتزم بما قال وأنجز مهمته، وعندها إما أن يوافق رئيس الجمهورية عليها أو أن يرفضها وفي كلا الحالتين سيتحمل مسؤولية قراره.
وتقول هذه المصادر أن “نتعة” الحريري حول عدم قبوله التكليف مجددا في حال إعتذر عن تشكيل الحكومة تتضمن رسائل سياسية في عدة إتجاهات أبرزها:
أولا: قطع الطريق بشكل نهائي على من يحاول التهويل بورقة سحب التكليف.
ثانيا: التمسك بقواعد التسوية الرئاسية وعدم السماح بادخال أية بنود إضافية عليها.
ثالثا: التهديد المبطن بأن الاعتذار وعدم القبول بالتكليف مجددا سيكون له تداعيات سلبية على الوضع اللبناني الداخلي، وعلى الوضع الاقتصادي لجهة مقررات مؤتمر سيدر والقروض التي أكد الحريري بأنها لن تنتظر طويلا.
رابعا: وضع حد للتنافس الحاصل على الحصص الوزارية، ودعوة الجميع الى التعاون الجدي لتشكيل الحكومة ضمن المهلة الجديدة التي حددها، والايحاء بأنه لم يعد توجد أمورا جوهرية تحول دون تشكيل الحكومة خصوصا في ظل المرونة التي ظهرت من أكثر من فريق سياسي وخصوصا من النائب السابق وليد جنبلاط.
تقول المصادر نفسها: إن إستئناف المشاورات ينتظر عودة رئيس الجمهورية من أرمينيا، وعندها ستظهر نتائج “النتعة” الحريرية، فإما حكومة سريعة تحتفل مع العهد بدخوله عامه الثالث خصوصا بعدما حاول تكتل “لبنان القوي” توضيح موقف رئيسه جبران باسيل بشكل إيجابي، وإما مزيدا من العراقيل نتيجة طموحات سياسية ومحاولات السيطرة على قرار الحكومة وتعطيل دور رئيسها الأمر الذي سيكون له تداعيات خطيرة.