نريد موظفين لا زعامات (بقلم عمر سعيد)
نريد موظفين يخدمون الوطن ..
ولا نريد قيادات استثنائية تحرقه بهوسها وجنونها، وشعورها بداءات العظمة .
فكل الشخصيات الاستاثنائية في التاريخ أثاترت غباراً وضجيجاً وزوابع ، وبعد أن هدأت الأمور ، خلفت وراءها أوطانا ، أنها من دمار وهلاك ومآس وضياع ..
وما من داع لأذكر أسماء هنا ، لأن غالبية من سيقرؤون هذه المقالة لا شك قد قرؤوا التاريخ ..
فقد باتت الأوطان اليوم بحاجة إلى إداريين ، يعرفون كيف يستيقظون باكراً ، ليصلوا إلى مكاتبهم بحقائب مليئة بالملفات المدروسة ، مليئة بالأهداف والمشاريع والخطط ودراسات الجدوى ، و جداول تنفيذها ..
موظفون من الطراز العملي الذي يتقن فن توزيع الأعمال وإدارة فرقها ، ويعي أهمية الإصغاء لكل فرد في فريقه ، ويتقن فن الإفادة من ملاحظاته ..
موظفون بلا مرافقات وحمايات ، وبلا حراس عند أبواب بيوتهم ، تحميهم مصداقياتهم ، وثقة الناس بهم ، وثقتهم بالناس .
موظفون يعرفون قيمة الوقت ، فيكونون قبل فرقهم على رؤوس مكاتبهم ، يتقنون فن مراجعة الملفات والوقوف عند تفاصيل التفاصيل ، ليتلافوا بيقظتهم أكبر الأخطاء وأصغرها ، ويجنبوا الوطن كثيراً من الهدر والفرص الضائعة ..
موظفون يعرفون حجم القرارات التي عليهم اتخاذها ، فلا يتسرعون بذلك، ولا يتلكؤن ، بل يقدمون عليها بكل تصميم ومسؤولية ، تمنح المواطن الإحساس بالفارق العظيم بين شخصية موظف ناجح ، يرتقي بواجباتها الى أبعد من الانجاز ، وبين زعيم يستهلك المواطنين تصفيقا وهتافا ، و يجعل الإنجازات فقاعات صابون يصعب اللحاق بها .
موظفون ليسوا من الطراز الذكي إلى درجة الخبث ، فيسخّرون كل خفي لصالحهم ، ولا يستثمرون في غفلة المواطن وجهله .
بل موظفون عاديون ، ترهقهم الحيلة فيلجؤون إلى المواطنين في استفتاءات واستشارات تجعل المسؤولية وطنية بشكل جماعي لا تعفي أحداً منها ..
فقد مللنا التصفيق ، والحفاوات ، والتبجيل، والتفخيم ، الذي أتخم أرواحنا وعقولنا وبطوننا وأحلامنا بالوهم ، الذي حولنا إلى حالمين في كل يقظة ، فيتركنا نبيت على أمل ، ونستيقظ على وهم .
نريد موظفين ينجزون ملفات المراجعين في مواعيدها دون أية منة أو جمائل ، يشتهرون بفشلهم في التلكؤ ، والمماطلة ، والتهرب ، وقبول الرشاوى .
نريد موظفين لهم رؤوس كبيرة ، فلا يصغون لغير ضمير العمل ، ولا يعدون بما لا يستطيعون ، ليصبحوا بمحبتهم ونزاهتهم وبساطتهم أوطاننا التي حلمنا بها.
عمر سعيد