أميركا: حزب الله يعتاش على الفساد اللبناني ويدمّر خصومه
لا يمكن حمل العقوبات الأميركية المعلنة مساء الأربعاء 26 شباط الحالي، على أنها خارج نظامها المتبع والمتوقع منذ سنوات. لكن الجديد فيها اشتمالها مؤسسات تعنى بالشؤون الطبية والصحية، وإعلان مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شنكر، عن استعداد بلاده لفرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين بسبب ملفات فساد، ومسؤولين آخرين على علاقة بحزب الله.
وجها العقوبات الجديدة
وللعقوبات الجديدة وجهان: استمرارها إلى النهاية في ضربها النظام اللبناني اللصيق بحزب الله، أي النظام كله من دون اعتبارٍ للانهيار الذي يضرب لبنان، وبوصف هذه الشركات والمؤسسات التي تطالها العقوبات أنها سرطانية، فهي تتهم حزب الله بالسيطرة على لبنان واقتصاده سيطرة كاملة.
وجه العقوبات الجديدة الثاني – وهو يضعُف داخل الإدارة الأميركية – أنها تهدف إلى إحداث تغييرات غير جذرية، تتصل باحتمال المفاوضات الأميركية الإيرانية، وتقديم تنازلات فيها. وتشير بعض المعطيات إلى أن التشدّد الأميركي على حزب الله سيكون أكبر بكثير من التشدّد على إيران. ما يعني أن حزب الله سيكون عرضة للمزيد من العقوبات والضغوط، حتى وإن حصلت مفاوضات إيرانية أميركية، قد تؤدي لاتفاق الطرفين. وتوحي طبيعة القرارات ضد حزب الله بأنها لن تتوقف عند أي حدّ. فواشنطن لم تصف السلطة الإيرانية بأنها إرهابية، واقتصر تصويبها على الحرس الثوري، فيما صُنّفَ حزب الله إرهابياً، ويجب استئصاله. وهذا في مقابل الحرص الأميركي على العلاقة بإيران، والقول إن واشنطن لا تريد إسقاط النظام الإيراني.
لبنان = حزب الله
ولا يمكن للإجراءات الأميركية ضد حزب الله إلا أن تنعكس على الوضع اللبناني. والمرحلة الآن تتمثل بإغلاق الأبواب أميركياً ودولياً بوجه لبنان، مع ما يستتبعه ذلك من تداعيات مالية واقتصادية، في ظل رفض واشنطن الفصل بين اللبنانيين وحزب الله. ونظرة واشنطن للبنان شاملة، وتعادل نظرتها لحزب الله. خصوصاً أن العقوبات التي أشار إليها شنكر وستصدر في المشتقبل ستكون وفق قانون قانون ماغنيتسكي، وليس قانون “أوفاك”.
وتكشف معلومات ديبلوماسية أن الاجتماع الثلاثي بين مسؤولين بريطانيين وأميركيين وفرنسيين، والمنعقد في بداية ثورة 17 تشرين للبحث في مساعدة لبنان، عُقِد مجدداً قبل أيام قليلة. وتحديداً بعد موقف وزير المال الفرنسي الداعي إلى مساعدة لبنان. وتشير المعلومات إلى أن الموقف الأميركي كان في غاية التشدد، وصولاً إلى رفضه مناقشة الفكرة الفرنسية. وتلفت مصادر واشنطن إلى أن أميركا لا تريد التصرف بإيجابية مع المسعى الفرنسي، ولا حتى السماح لباريس بلعب أي دور في هذا المجال. وهذا يعني أن التصعيد الأميركي مستمر.
حجر تام على لبنان
هناك توصيف سياسي لمقاربة أميركا للوضع اللبناني: لبنان في حالة حجر كامل، والشروط تتزايد، والإجراءات الضاغطة ستطال شركات في مجالات متنوعة. وهذا يضع البلد أمام فصل جديد من العقوبات، جراء اتهام واشنطن حزب الله بأنه يحصِّل أمواله من الفساد اللبناني الداخلي، الذي يضاغف قوته السياسية والعسكرية، ويدمر الوزن السياسي لخصومه. ولهذا تداعيات مستقبلية ستظهر تباعاً في إجراءات تطال الدولة اللبنانية ومؤسساتها: تخفيض موازنة المساعدات الأميركية للبنان إلى أقل من النصف. ووضع رقابة مشددة على المساعدات التي تصل إلى الجيش وبعض المؤسسات أو الجمعيات الأخرى. وفي هذا السياق تتنامى وجهة النظر الأميركية التي ترى أن حزب الله يستفيد من المساعدات الأميركية بشكل أو بآخر.
المصدر : منير الربيع – المدن